پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص403

إجارة الوقف فإن أجره ولا حق له في غلته صحت إجارته ولم تبطل بموته لأنه لم يؤجر ملكه وإنما ناب عن غيره وإن أجره من يستحق غلته ويستوجب أجرته لكونه وقفاً عليه فقد اختلف أصحابنا في بطلان الإجارة بموته على وجهين :

أحدهما : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة أن الإجارة قد بطلت بموته وانتقال المنفعة إلى غيره وفرق بين الملك والوقف بأن وارث الملك يملك عن المؤجر فلم يملك ما خرج عن ملك المؤجر وليس كذلك الوقف لأن مؤجره يملك منفعته مدة حياته فإذا مات فقد انقطع ملكه وانتقل إلى من بعده بشرط الوقف لا بالإرث .

والوجه الثاني : وهو الأظهر أن الإجارة لا تبطل لأن مؤجرة والٍ قد أجره في حق نفسه وحق من بعده بولايته فإذا انقضى حقه بموته صحت أجارته في حق من بعده بولايته فإن كان قد استوفى الأجرة استرجع من تركته أجرة ما بقي من المدة بعد موته .

فصل

: وإذا استأجر رجل من أبيه داراً سنة ودفع إليه الأجرة ثم مات الأب المؤجر نظر فإن لم يكن له غير هذا الابن المستأجر فقد سقط حكم الإجارة لأنه صار مالكاً للدار والمنفعة إرثاً فامتنع بقاء عقده على المنفعة كما لو تزوج أمته ثم ورثها بطل نكاحها .

فإن لم يكن على أبيه دين فقد صارت الدار مع التركة إرثاً وإن كان على أبيه دين ضرب مع الغرماء بقدر الأجرة لأنها صارت بانفساخ الإجارة بالإرث ديناً على الأب فساوى الغرماء فيها . فلو كان للأب ابن آخر انفسخت الإجارة إلى نصف الدار وهو حصة المستأجر ولزمت في حصة الابن الآخر ورجع المستأجر منهما بنصف الأجرة في تركة أبيه لأنها صارت ديناً عليه .

فصل

: فإذا بيعت الدار المستأجرة فذلك ضربان :

أحدهما : أن تباع على المستأجر فالبيع جائز والإجارة بحالها ويصير جامعاً بين ملك المنفعة بالإجارة والرقبة بالبيع .

والفرق بين أن يرثها المستأجر فتبطل الإجارة وبين أن يبتاعها فلا تبطل أنه بالإرث صار قائماً مقام المؤجر فلم ينفذ له عقد على نفسه وهو بالبيع لا يقوم مقام البائع إلا فيما سمي بالعقد .

والضرب الثاني : أن تباع على أجنبي غير المستأجر ففي البيع قولان :

أحدهما : أنه باطل والإجارة بحالها لأن يد المستأجر ممنوعة بحق فصارت أسوأ حالاً من المغصوب الذي يمنع يد المشتري منه بظلم .

والقول الثاني : وهو صحيح أن البيع صحيح والإجارة لازمة لأن ثبوت العقد على المنفعة لا يمنع من بيع الرقبة كالأمة المزوجة فعلى هذا إن كان المشتري عالماً بالإجارة فلا خيار له والأجرة للبائع لأنه قد ملكها بعقده وإن كان غير عالم فله الخيار بين المقام والفسخ .