الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص391
وأما الجواب عن قولهم أن المنافع تختلف من الوجوه التي ذكرت فهو أن العقد إن كان على منافع مضمونة في الذمة فهي معلومة غير مختلفة وإن كان على مدة فإنه يستوفي من العبد عمل مثله جبراً إن لم يؤده طوعاً حتى تنقضي مدة إجازته .
فإن استأجرهما لمنفعة تستوفى مع بقاء أعيانهما كاستئجار الدراهم للجمال واستئجار الطعام ليعتبر مكيال ففيه لأصحابنا وجهان :
أحدهما : يصح لوجود المعنى من حصول الانتفاع مع بقاء العين .
والوجه الثاني : لا يصح لأن هذا نادر من منافع ذلك والأغلب سواه فصار حكم الأغلب هو المغلب .
ولأن المنافع المضمونة بالإجارة هي المضمونة بالغصب ومنافع الدراهم والطعام لا تضمن بالغصب فلم يصح أن تضمن بالإجارة وهكذا ما كانت منافعه أعياناً من النخل والشجر لأن منافعهما ثمار هي أعيان يمكن العقد عليها بعد حدوثها فلم يصح العقد عليها قبله وهكذا الغنم فإن استأجر ذلك لمنفعة تستوفي مع بقاء العين كالاستظلال بالشجر أو ربط مواش إليها أو سفن فذلك ضربان :
أحدهما : أن يكون هذا غالباً فيها ومقصوداً من منافعها فتصح الإجارة عليها . والثاني : أن يكون نادراً غير مقصود في العرف فيكون على ما مضى من الوجهين .
ثم العقد وإن توجه إلى العين فهو إنما تناول المنفعة لأن الأجرة في مقابلتها وإنما توجه إلى العين لتعيين المنفعة بها وقال أبو إسحاق المروزي : العقد إنما يتناول العين دون المنفعة ليستوفي من العين مقصوده من المنفعة لأن المنافع غير موجودة حين العقد فلم يجز أن يتوجه العقد إليها وهذا خطأ .
ألا ترى أنه قد يصح العقد على منفعة مضمونة في الذمة غير مضافة إلى عين كرجل استأجر من رجل عملاً مضموناً في ذمته وإذا كان كذلك فلا بد أن تكون المنفعة معلومة كما لا بد أن يكون المبيع معلوماً فإن كانت مجهولة لم تصح الإجارة كما لو كان المبيع مجهولاً والعلم بها قد يكون من وجهين :