الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص388
قال الماوردي : عقد الإجارة على منافع الأعيان جائز وهو قول الصحابة والتابعين والفقهاء وحكى الشافعي خلاف بعض أهل الكلام فيها وهو ما حكي عن الأصم وابن علية أنها باطلة .
استدلالاً بنهي النبي ( ص ) عن الغرر والغرر يدخل عقد الإجارة من وجوه شتى منها أن المنافع المستقبلة غير مخلوقة والعقد على ما لم يخلق الباطل .
ومنها أن العقد يتوجه إلى عين حاضرة ترى أن غائبة توصف وليست المنافع أعياناً حاضرة ولا غائبة فلم يصح العقد عليها ومنها أن منافع العبد المعقود عليه قد تختلف بحسب اختلاف قوته وضعفه ونشاطه وكسله . قال الشافعي وهذا قول جهل من قاله والإجارات أصول في أنفسها بيوع على وجهها والدلالة على جوازها قوله تعالى : ( فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ) ( الطلاق : 6 ) .
قال الشافعي ( فأجاز الإجارة على الرضاع ) والرضاع يختلف بكثرة رضاع المولود وقلته وكثرة اللبن وقلته ولكن لما لم يوجد فيه إلا هذا جازت الإجارة عليه وإذا جازت عليه جازت على مثله وما هو في مثله معناه وهذا استدلال صحيح لأن جهالة الرضاع من وجهين :
أحدهما : قلة اللبن وكثرته .
والثاني : قلة شرب الصبي وكثرته ثم صحت الإجارة فيه فكانت صحتها في غيره أولى واستدل الشافعي على ذلك ( بقوله تعالى ) ( قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ