الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص386
أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي : أنها باطلة لترددها بين جائز وغير جائر .
والوجه الثاني : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة أن المساقاة جائزة ، كما أن ربح المضاربة مجوز ، ولا يمنع ذلك من صحة العقد ، وكما لو أذن له بالمضاربة في سفر مخوف صح العقد ، وإن جاز تلف المال كجواز سلامته .
فعلى الوجه الأول : له أجرة مثله إن عمل أثمرت النخل أو لم تثمر ؛ لأن حدوث الثمرة مجوز ، فلم يفوت عمله بغير بدل .
وعلى الوجه الثاني : أن أثمرت كان له حقه من الثمرة ، وإن لم تثمر فلا شيء له .
قال الماوردي : وهذا كما قال ، إذا اختلف رب النخل والعامل بعد اتفاقهما على أصل العقد في صفة من صفاته ، كالعرض ، فيقول رب النخل ساقيتك على الثلث ويقول العامل على النصف واختلفا في المدة أو في النخل ، فإنهما يتحالفان كما يتحالف المتبايعان بكونهما مختلفين في عقد معاوضة وقع الاختلاف في صفته ، ما لم تقم بينة بما اختلفا فيه ، فإذا تحالفا على ما مضى في البيوع فسخت المساقاة بينهما .
فإن لم يكن للعامل عمل فلا شيء له ، وإن كان له عمل ، فله أجره مثله سواه كان أقل مما ادعى أو أكثر ، سواء أثمرت النخل أو لم تثمر ، لأن العقد إذا ارتفع بالتحالف بطل المسمى ، واستحق قيمة المتلف .
فإن حلف أحدهما دون الآخر قضي للحالف منهما دون الناكل ، وإن كانت بينة عمل عليها من غير تحالف ، والبينة شاهدان أو شاهد وامرأتان ، أو شاهد ويمين .
فإن أقام كل واحد منهما بينة فقد تعارضتا ، وفيهما قولان :
أحدهما : تسقط البينتان ، ويرجعان إلى التحالف .
والثاني : يقرع بينهما فأيهما قرعت قرعته حكم بها ، وهل يحلف صاحبها معها ، أم لا ؟ على قولين ، فأما استعمال البينتين أو وقوفهما فلا يجيء في هذا الموضوع ، أما استعمالها فلأن قسمة العقد لا تصح وأما وقوفهما فلأن وقوف العقد لا يجوز .