الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص384
قيل : فاستحقاق الثمرة جار مجرى تلفها ، وتلف الثمرة لا يوجب عليه رجوع العامل على المساقي بأجرة عمله ، قيل : إنما يمتنع رجوعه بالأجرة عند تلف الثمرة لصحة العقد ، واستحق الرجوع بالأجرة عند استحقاق النخل لفساد العقد .
والقسم الثاني : أن تكون حصة كل واحد منهما قد استهلكها ، فلرب المال أن يرجع على كل واحد منهما ، فإن كانا قد استهلكاها بسراً أو رطباً أو تمراً مكنوزاً رجع بقيمتها ، وإن كانا قد استهلكاها تمراً بثاً رجع بمثلها لأن للتمر البث مثلاً ، وليس لغير البث مثل ، ثم رب النخل بالخيار بين يرجع على كل واحد منهما بمثل ما استهلكه ، وبين أن يرجع على المساقي بمثل جميع الثمرة فإن رجع على كل واحد منهما بمثل ما استهلكه فلا تراجع ؟ منهما على صاحبه بشيء من الثمرة ، وإنما يرجع العامل على المساقي بأجرة مثل عمله لتفويته إياه عليه ، وإن رجع على المساقي بجميع الثمرة رجع المساقي على العامل بمثل ما استهلكه منها ، ورجع العامل على المساقي بأجرة مثله .
والقسم الثالث : أن تكون حصة المساقي باقية بيده ، وحصة العامل مستهلكة فيرتجع رب النخل ما بيد المساقي من الثمرة ، ثم هو فيما استهلكه العامل مخير بين أن يرجع به على العامل ، ولا يرجع به العامل على المساقي ، ولكن يرجع بأجرة مثله ، وبين أن يرجع به على المساقي ويرجع المساقي به على العامل ويرجع العامل بأجرة مثله على المساقي .
والقسم الرابع : أن تكون حصة المساقي مستهلكة ، وحصة العامل باقية بيده فيرجع رب النخل على العامل بما بيده من الثمرة ، ويرجع على المساقي بما استهلكه منها ، ولا يجوز أن يرجع به على العامل ، لأن العامل يضمن باليد فلم يلزمه إلا ضمان ما حصل بيده ، والمساقي يضمن بالعدوان فلزمه ضمان ما حصل بعد عدوانه ثم للعامل أن يرجع على المساقي بأجرة مثله .
قال الماوردي : وهذا صحيح والتعليل مستقيم ، وفساد العقد من وجهين :
أحدهما : جهالة العمل لتردد بين السقي بماء السماء والنضح .
والثاني : جهالة العوض لتردده بين الثلث والنصف .