الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص379
فلو قال رب النخل قد ساقيتك على أن لك ثلث الثمرة ولي نصفها وأغفل ذكر السدس الباقي غلب في ذلك بيان نصيب العامل إذ ليس له أكثر من المسمى ، وصحت المساقاة لأنه لو بين نصيب العامل وأغفل ذكر الباقي كله صحت المساقاة ، فإذا أغفل بعضه كانت المساقاة أولى بالصحة ، وكان ما سوى ثلث العامل من النصف المسمى والسدس الباقي لرب النخل .
والقسم الرابع : أن لا يبين نصيب نفسه ولا نصيب العامل مثل أن يقول ‘ قد ساقيتك ‘ فالمساقاة باطلة ، لأن المساقاة قد تختلف ، فصار الاقتصار على هذا مفضياً إلى جهالة تمنع من صحة العقد ، ولكن لو قال له قد ساقيتك على أن الثمرة بيننا ، فعند أبي العباس بن سريج أن المساقاة صحيحة ، وتكون الثمرة بينهما نصفين ، لأن ظاهر اشتراكهما في الثمرة يوجب تساويهما فيها .
وذهب سائر أصحابنا إلى أن المساقاة باطلة ، لأنها قد تكون بينهما على تساوي وتفاضل فلم يكن حملها على التساوي في الإطلاق بأولى من حملها على التفاضل فبطلت .
قال الماوردي : وهذا كما قال ، إذا كانت النخل بين شريكين فساقى أحدهما صاحبه على أن يعمل فيها وله الثلثان من جميع ثمرها فهذه مساقاة جائزة لأن له ملكاً وعملاً فكان له النصف بالملك والسدس الزائد عليه بالعمل . فاختصت المساقاة بالثلث من حق الشريك وهو النصف ، وذلك سدس الكل .
ومثله في المضاربة أن يكون ألف بين شريكين ضاربة عليها على أن يعمل فيها وحده وله الثلثان من الربح ، فتكون المضاربة جائزة ، وهي على الثلث من حصة الشريك ، لأنه يأخذ النصف بالملك والسدس الزائد بالعمل .