الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص374
قال الماوردي : وهذا صحيح وجملته أنه لا يخلو حال نفقتهم من أحد أمرين : إما أن يشترطا محلها في العقد ، أو يغفلاه ، فإن شرطا محلها لم يخل من ثلاثة أحوال .
أحدها : أن يشرط على العامل ، فهذا جائز لأن العمل مستحق عليه فجاز أن تكون نفقة الغلمان في النخل مشروطة عليه كما كانت أجور من لم يشترطهم واجبة عليه .
والحال الثانية : أن يشرط على رب النخل فهذا جائز ، وقال مالك لا يجوز ، لأن العمل مستحق على غيره .
وهذا فاسد لأنه لما جاز بالشرط أن يعملوا مع العامل بغير أجرة جاز أن يعملوا معه بغير نفقة .
والحال الثالثة : أن يشرط من وسط الثمرة فهذا على ضربين : أحدهما : أن يكون عملهم قبل حدوث الثمرة فهذا شرط باطل لعدم محلها ، وإن ما لم يخلق لا يجوز أن يكون عوضاً على عمل .
والضرب الثاني : أن يكون عملهم بعد حدوث الثمرة فهذا على ضربين :
أحدهما : أن تكون نفقتهم منغير جنس الثمرة لتباع الثمرة فيصرف ثمنها في نفقتهم فهذا باطل لأن الثمرة غير مستحقة ، والنفقة غير ثابتة في الذمة .
والضرب الثاني : أن تكون نفقاتهم من نفس الثمرة يأكلونها قوتاً ففيه وجهان :
أحدهما : أنه جائز لوجود محلها ، وأن الثمرة لما كانت لهما ، جاز اشتراط النفقة على كل واحد منهما جاز اشتراطها في الثمرة التي هي لهما .
والوجه الثاني : أنه باطل لأنه غير متعلق بذمة ، ولا معلوم مستحق من عين ، وهذا أصح الوجهين .
أحدهما : باطلة ، للجهل بمحل النفقة .
والوجه الثاني : جائزة لأن النفقة تبع للعقد ، فلم يبطل بها العقد فعلى هذا فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنها على العامل ، لاستحقاق العمل عليه .
والوجه الثاني : أنها على رب النخل لاشتراط عملهم عليه ، وأنه لما سقطت أجرتهم عن العامل سقطت نفقتهم عنه .
والوجه الثالث : أنها من وسط الثمرة ، لاختصاص عملهم بها ، فعلى هذا إن لم تأت الثمرة أخذ بها السيد حتى يرجع بها في الثمرة إذا أتت والله أعلم بالصواب .