الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص369
قال الماوردي : وهذا صحيح ؛ لأنه عقد معاوضة ، فلم يصح مع جهالة العوض كالبيع والإجارة . فلو ساقاه على ما يكفيه أو ما يرضيه بطلب المساقاة للجهل بقدر نصيبه منها ، إذ قد لا يرضيه إلا جميعها ، ولا يكفيه إلا أكثرها .
فإن قيل : فإذا صحت المساقاة مع الجهالة بقدر الثمرة فهلا صحت مع الجهالة بقدر نصيبه من الثمرة ؟ قيل لأن العلم بقدر ما يحدث من الثمرة غير ممكن ، فلم يعتبر ، والعلم بقدر نصيبه منها ممكن فاعتبر .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، لأن عقد المساقاة يوجب اشتراك العامل ورب النخل في الثمرة فإذا عقداها على أن للعامل ثمر نخلات بعينها منها أفضى إلى أن يستبد أحدهما بجميع الثمرة دون صاحبه ، لأنه قد يجوز أن لا تحمل تلك النخلات فينصرف العامل بغير شيء ، ويجوز أن لا تحمل إلا تلك النخلات وحدها ، فينصرف رب المال بغير شيء ، فلذلك بطل .
فإن قيل فإذا جاز أن يساقيه على تلك النخلات بعينها من جملة النخل كله – وإن جاز أن تحمل أو لا تحمل – فهلا جاز أن يساقيه على جميعها بثمر تلك النخلات بعينها – وإن جاز أن تحمل أو لا تحمل – قيل لأنه إذا أفرد عقد المساقاة بتلك النخلات بعينها تساويا فيها – وحملت أو لم تحمل – وإذا كان العقد على جميعها بثمر تلك النخلات فقد يتفاضلان فيها – إن حملت أو لم تحمل – .
قال الماوردي : وهذا صحيح لأن اشتراط أحدهما الصاع من جملة الثمرة يفضي إلى الجهالة بقدر العوض ، لما فيه من الجهالة بالباقي بعد الصاع ، ولأنه قد يجوز أن لا تحمل النخل إلا ذلك الصاع ، وإذا بطلتا لمساقاة في هذه المواضع بما وصلنا كانت الثمرة كلها لرب النخل وكان للعامل أجرة مثله فيما عمل .