الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص368
حق ، وليس له أن يجبر الزارع على أخذ قيمة زرعه ، سواء كان قلع الزرع مضراً بأرضه أم لا .
وقال أبو حنيفة إن كان قلعه مضراً بالأرض أجبر الزارع على أخذ قيمته مقلوعاً استدلالاً برواية عطاء عن أبي رافع أن النبي ( ص ) قال : ‘ من زرع في أرض قومٍ بغير إذنهم فليس له من الزرع شيءٌ وله نفقته ، ودليلنا قوله ( ص ) لا يحل مال امرئٍ مسلمٍ إلا بطيب نفسٍ منه .
فأما الجواب عن قوله ( ص ) فليس له من الزرع شيءٌ فمن وجهين :
أحدهما : أن معناه ليس له منه شيء إذا روضي على أخذ قيمته .
والثاني : أنه ليس له حق في استيفائه ، وقوله : وله نفقته أي : زرعه ، ويحتمل أن يكون معناه أن نفقته هي من ماله لا يرجع بها على غيره .
فإن قيل : إذا جعلتم ولد الأمة من زنا لسيدها دون الزاني بها لعدوانه لزمكم أن تجعلوا زرع الغاصب لرب الأرض دون الغاصب لعدوانه .
قيل : الفرق بينهما من وجهين :
أحدهما : أن زرع الغاصب من بذره يقيناً فجعل له وولد الزاني من مائة ظناً لا يقيناً فلم يجعله له .
والثاني : أن بذر الزارع مال مملوك تجوز المعاوضة عليه ، فصار ما حدث عنه ملكاً للغاصب وليس ماء الزاني موصوفاً بالملك ، ولا تجوز عليه المعاوضة فلم يصر ما حدث عنه ملكاً للزاني .
أحدها : أن يتراضيا على ترك الزرع إلى أوان الحصاد ، فيجوز ويؤخذ الزارع بأجرة المثل .
والثاني : أن يتراضيا على قلع الزرع بقلا فيجوز ويؤخذ الزارع بأجرة المثل إلى حين قلعه وبأرش نقصه إن حدث .
والثالث : أن يختلفا فيدعو الزارع إلى استيفائه إلى وقت الحصاد ، ويدعو رب الأرض إلى قلعه بقلاً في الحال ، فالقول فيه قول رب الأرض ويجبر الزارع على القلع وغرم الأجرة والأرش .