الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص363
الوجهان من اختلاف أصحابنا في البيع إذا عقد بلفظ التمليك .
ويجوز أن يستوثق فيه بالشهادة ولا يجوز أن يستوثق فيه بالرهن والضمان لأنه عقد غير مضمون .
ثم يؤخذ العامل بالعمل المشروط عليه فإن لم يعمل في النخل حتى أثمرت كان له نصيبه من الثمرة إن قيل إنه شريك ولا شيء له فيها إن قيل إنه أجير ، ولرب النخل أن يأخذ العامل جبراً بالعمل للزوم العقد .
فإن أراد العامل أن يساقي غيره عليها مدة مساقاته جاز بمثل نصيبه فما دون كالإجارة ولا يجوز بأكثر من نصيبه لأنه لا يملك الزيادة ، والفرق بين المساقاة حيث كان للعامل أن يساقي عليها وبين المضاربة حيث لم يجز للعامل أن يضارب بها .
إن تصرف العامل في المضاربة تصرف في حق رب المال لأن العقد ليس بلازم فلم يملك إلا فتيات عليه في تصرفه ، وتصرف العامل في المساقاة تصرف في حق نفسه للزوم العقد فملك الاستنابة في تصرفه .
قال الماوردي : وجملة الشجر من النبات مثمراً على ثلاثة أقسام :
قسم لا يختلف مذهب الشافعي رضي الله عنه في جواز المساقاة عليه ، وهو النخل والكرم . وقال داود المساقاة جائزة في النخل دون الكرم .
وحكي عن الليث بن سعد جواز المساقاة فيما لم يكن بعلاً من النخل ، ومنع منها في البعل من النخل وفي الكرم وكلا القولين خطأ .
واختلف أصحابنا في جواز المساقاة في الكرم هل قال به الشافعي رضي الله عنه نصاً أو قياساً ، فقال بعضهم بل قال به نصاً وهو ما روي أن النبي ( ص ) ساقى في النخل والكرم .
وقال آخرون وهو الأشبه أنه قال به قياساً على النخل من وجهين ذكرهما ، أحدهما اشتراكهما في وجوب الزكوة فيهما ، والثاني بروز ثمرهما ، وإمكان خرصهما .
وحكي عن مالك جوازها في ذلك كله ما لم يبد صلاحه بحدوث ثمرها مرة بعد مرة .
وهذا خطأ لأن ما لم يكن شجراً ثابتاً فهو بالزرع أشبه ، والمخابرة على الزرع باطلة