الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص344
المروي أو الهروي ولم يجمع بينهما فجعله مشكلاً ، والقراض إنما يصح بأن يعم جميع الأجناس أو يعين بأحد الأجناس .
والثاني : وهو اختيار أبي علي بن أبي هريرة أن علة فساده أنه قال بالنصف ولم يبين النصف هل يكون لرب المال أو للعامل ؟ قال واشتراطه نصف الربح لنفسه مبطل للقراض ما لم يبين نصف العامل واشتراطه نصف الربح للعامل غير مبطل للقراض ، فصار القراض بهذا القول متردداً بين الصحة والفساد فبطل .
والثالث : وهو اختيار أبي إسحاق المروزي أنه بطل بقوله فاشتر ولم يقل وبع ، والقراض إنما يصح بالشراء والبيع فلذلك بطل .
فإذا تقرر ما وصفنا من اختلاف أصحابنا في علة فساده فإن اشترى كان الشراء جائزاً لأنه مأمور به وله أجرة مثله ، وإن باع كان البيع باطلاً لأنه غير مأمور به .
وحكي عن أبي العباس بن سريج أن القراض جائز ، ويكون الربح بينهما نصفين لأن ذلك هو الغالب من أحوال القراض فحمل إطلاقه عليه . وهذا المحكي عنه غير صحيح لأنه لو جاز ذلك في إطلاق القراض لجاز مثله في البيع إذا أغفل فيه الثمن أن يكون محمولاً على ثمن المثل وهو القيمة وكذلك في الإجارة وكل العقود .
فأما إذا قال خذ هذا المال فاشتر به وبع ولم يزد عليه فلا خلاف بين أصحابنا أنه لا يكون قراضاً صحيحاً ، ويصح شراء العامل وبيعه .
وهل يكون قراضاً فاسداً أو معونة ؟ على وجهين :
أحدهما : يكون استعانة بعمله كما لو قال : اشتر وبع على أن جميع الربح لي ، فعلى هذا لا أجرة للعامل في عمله .
والوجه الثاني : أنه يكون قراضاً فاسداً لأنه الأغلب من حال أمره وحال قوله على أن جميع الربح لي لما فيه من التصريح بأن لا شيء له فيه ، فعلى هذا يكون للعامل أجرة مثله سواء حصل في المال فضل أو لم يحصل .