الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص339
والوجه الثاني : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة أن المزني مصيب في نقله والربح للعامل الأول دون الثاني ، وللثاني عليه أجرة المثل لأنه اشتراه في قراض فاسد ، والعامل في القراض الفاسد لا يملك ربحه وإن فسد قراضه لأنه اشتراه لغيره وإنما يستحق بفساد العقد أجرة مثله كمن استأجر أجيراً ليصيد له ويحتش إجارة فاسدة ، فصاد الأجير واحتش كان الصيد والحشيش للمستأجر دون الأجير لأنه فعل ذلك لمستأجره لا لنفسه ويرجع عليه بأجرة مثله .
فهذا حكم قوله في الجديد .
فتخرج في الربح على ما شرحنا من حكم القولين خمسة مذاهب :
أحدها : أن جميع الربح لرب المال ولا شيء فيه للعاملين ، وهذا مذهب أبي العباس بن سريج على قوله في القديم .
والثاني : أن نصف الربح لرب المال ، والنصف الآخر للعامل الأول ، وللعامل الثاني على العامل الأول أجرة مثله . وهذا مذهب أبي إسحاق المروزي على قوله في القديم .
والثالث : أن نصف الربح لرب المال ، والنصف الباقي بين العاملين نصفين وهذا مذهب أبي علي بن أبي هريرة على قوله في القديم .
والرابع : أن الربح كله للعامل الثاني ولا شيء فيه لرب المال ولا للعامل الأول ، وهذا مذهب محكي على قوله في الجديد .
والخامس : أن الربح كله للعامل الأول ، ولا شيء فيه لرب المال ولا للعامل الثاني ، وهذا بل يرجع بأجرة مثله على العامل الأول ، وهذا مذهب أبي علي بن أبي هريرة على قوله في الجديد .
فإن كان رب المال قد عين له من يقارضه لم يجز أن يعدل عنه إلى غيره ، وإن لم يعينه اجتهد برأيه فيمن يراه أهلاً لقراضه من ذوي الأمانة والخبرة .
فإن قارض أمينا غير خبير بالتجارة لم يجز ، وإن قارض خبيراً بالتجارة غير أمين لم يجز حتى يجتمع الشرطان فيه : الخبرة والأمانة .
فإن عدل عما وصفنا فذلك ضربان :
أحدهما : أن يعدل إلى مقارضة نفسه .