الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص338
فإن أغرم الأول لم يرجع على الثاني بشيء لأنه أمينه فيما غرمه ، وإن أغرم الثاني رجع على الأول بما غرمه مع أجرة مثل عمله .
ولا يلزم رب المال وإن أخذ جميع الربح أن يدفع إلى واحد من العاملين أجرة المثل لإجراء حكم الغصب عليهما بالمخالفة .
وذهب أبو إسحاق المروزي وأبو علي بن أبي هريرة وجمهور أصحابنا إلى أن ما رواه المزني على هذا القول صحيح ، وأن رب المال ليس له من الربح إلا نصفه بخلاف المأخوذ غصباً محضاً ، لأن رب المال في هذا الوضع دفع المال راضياً بالنصف من ربحه وجاعلاً نصفه الباقي لغيره ، فذلك لم يستحق منه إلا النصف .
فأما النصف الباقي فقد روى المزني أنه يكون بين العاملين .
واختلف أصحابنا في ذلك على وجهين :
أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي أن هذا خطأ من المزني في نقله ، ويجب أن يكون النصف الباقي من الربح للعامل الأول ، ولا حق فيه للثاني لفساد عقده ويرجع على الأول بأجرة مثل عمله ، فيجعل الربح بين رب المال والعامل الأول ، ويجعل للثاني أن يرجع بأجرة مثله على الأول . والوجه الثاني : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة أن نقل المزني صحيح ، ويكون النصف الباقي من الربح بين العاملين نصفين على شرطهما ، لأنه لما جرى على العامل الأول حكم القراض مع رب المال ، جرى على العامل الأول حكم القراض مع العامل الثاني فصار النصف الباقي بينهما على سواء ، ولا شيء للعامل الثاني على الأول فيما أخذه رب المال من نصف الربح ، لأنه باستحقاق رب المال بألف منهما ، ويصيرا كأنه لا ربح لهما إلا النصف الباقي ، فهذا حكم قوله في القديم .
والقول الثاني : وهو الجديد أن ربح المال المغصوب للغاصب ، فعلى هذا لا شيء لرب المال في الربح ، وله مطالبة أي العاملين شاء برأس ماله لأن كل واحد منهما ضامن ، أما الأول فبعدوانه ، وأما الثاني فبيده .
فأما الربح فقد قال المزني : يكون للعامل الأول ، وعليه للثاني أجرة مثله . واختلف أصحابنا فيه على وجهين :
أحدهما : وهو محكي أن المزني مخطئ في نقله ، والربح كله للعامل الثاني دون الأول لأنه إذا صار الربح تبعاً للعمل ، وبطل أن يكون تبعاً للمال وجب أن يكون للثاني الذي له العمل دون الأول الذي ليس له عمل .