الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص330
فإن أذنوا له في المقام على قراض أبيهم كان ذلك عقداً مبتدأ ، فلا يخلو حالهم من أحد أمرين : إما أن يكونوا عالمين بقدر المال ، أو جاهلين له .
فإن كانوا عالمين بقدره صح القراض إن كانوا أهل رشد لا يولى عليهم ولم يتعلق بتركة ميتهم ديون ولا وصايا .
وإن كانوا بخلاف ذلك لم يصح إذنهم .
ثم إذا صح فلا يخلو أن يكون قد حصل للعامل فيه ربح قبل موت رب المال أو لم يحصل . فإن لم يحصل فكل المال الذي في يده قراض لورثة ربه . وإن كان قد حصل فيه ربح قبل موت ربه فهو شريك في المال بحصته من ربحه ، ويختص بما يحصل من فضله ، ومضارب فيما بقي من الربح مع رأس المال بما شرط له من ربحه .
وإن كان الورثة جاهلين بقدر المال عند إذنهم له بالقراض ففيه وجهان مخرجان من وجهين نذكرهما من بعد :
أحدهما : أن القراض باطل ، لأنه معقود بمال مجهول .
والوجه الثاني : أن القراض صحيح لأنه مبتدأ بعقد صحيح .
وإن كان مال القراض عند موت ربه عرضاً فللعامل بيعه من غير استئذان الورثة ، ولا يجوز أن يشتري بثمنه شيئاً من غير إذن الورثة ، لأن البيع من حقوق العقد الماضي وليس الشراء من حقوقه إلا بعقد مستأنف .
فإن أذن له الورثة في المقام على قراض أبيهم :
فإن كان بعد بيعه للعرض فقد صار الثمن ناضاً فيكون كإذنهم له بالقراض والمال ناض وإن كان قبل بيع العرض ففي جواز القراض وجهان خرج منهما الوجهان المذكوران :
أحدهما : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة : أن القراض باطل ، لأن عقده بالعرض باطل .
والوجه الثاني : وهو قول أبي إسحاق المروزي : أن القراض جائز لأنه استصحاب لعقد جائز .
والفرق بين أن يموت رب المال فيجوز للعامل أن يبيع بغير إذن الوارث وبين أن يموت العامل فلا يجوز لوارثه إلا بإذن رب المال : إن عقد القراض قد أوجب ائتمان العامل على