الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص317
قال الماوردي : والكلام في هذه المسألة مشتمل على ثلاثة فصول :
أحدها : في جواز سفر العامل بمال القراض .
والثاني : في مؤنة العمل .
والثالث : في نفقة العامل .
فأما الفصل الأول وهو سفر العامل بمال القراض ، فلرب المال معه ثلاثة أحوال :
أحدها : أن ينهاه عن السفر به فلا يجوز أن يسافر به إجماعاً فإن سافر به ضمنه والقراض في حاله صحيحاً .
والحالة الثانية : أن يأذن له في السفر به فيجوز له أن يسافر به إجماعاً فإن أذن له في السفر إلى بلد لم يجز له أن يسافر إلى غيره ، وإن لم يخص له بلد أجاز أن يسافر به إلى البلد المأمونة الممالك والأمصار التي جرت عادة أهل بلده أن يسافروا بأموالهم ومتاجرهم إليها ، ولا يخرج عن العرف المعهود فيها ولا في البعد إلى أقصى البلدان ، فإن بعد إلى أقصى البلدان ضمن المال .
والحالة الثالثة : أن يطلق فلا يأذن له في السفر ولا ينهاه ، وقد اختلف الناس في جواز سفره بالمال . فذهب الشافعي إلى أنه لا يجوز أن يسافر به قريباً ولا بعيداً سواء رد الأمر إلى رأيه أم لا .
وقال أبو حنيفة : يجوز أن يسافر بالمال إذا أراد وإن لم يأمره بذلك ما لم ينهه ، وقال محمد بن الحسن وأبو يوسف يجوز أن يسافر بالمال إلى حيث يمكن الرجوع منه قبل الليل .
وقال محمد بن الحسن يجوز أن يسافر إلى حيث لا تلزمه مؤونة ودليلنا قوله ( ص ) : ‘ إن المسافر وماله على قلتٍ إلا ما وقى الله ‘ – يعني على خطر – وهو لا يجوز أن يخاطر بالمال ، ولأنه مؤتمن فلم يجز أن يسافر بالمال كالوكيل ، ولأن كل سفر منع من الوكيل منع منه العامل كالسفر البعيد .