الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص313
قد ذكرنا أن عقد القراض موجب لاشتراك رب المال ، والعامل في الربح ، ولا يختص به أحدهما دون الآخر ، لأن المال والعمل متقابلان ، فرأس المال في مقابلة عمل العامل ، ولذلك وجب أن يشتركا في الربح ، ولم يجز أن يختص به أحدهما مع تساويهما .
وإذا منعا من اختصاص أحدهما بالربح دون الآخر وجب أن يمنعا مما يؤدي إلى اختصاص أحدهما بالربح دون الآخر ، فمن ذلك أن يشترط أحدهما لنفسه من الربح درهماً معلوماً والباقي لصاحبه أو بينهما فلا يجوز لأنه قد لا يحصل من الربح إلا الدرهم المشروط فينفرد به أحدهما وينصرف الآخر بغير شيء .
فإن كان رب المال قد شرطه فقد أخذ جميع الربح ، وانصرف العامل بغير شيء من وجود العمل وحصول الربح ، وإن كان العامل قد شرطه فقد أخذ جميع الربح وانصرف رب المال بغير شيء من وجود المال وحصول الربح .
ومثاله في البيوع أن يبيعه الثمرة إلا مداً يستثنيه لنفسه فيبطل البيع ، لأنه قد يجوز أن تهلك الثمرة إلا ذلك المد فيصير البائع آخذاً للثمن والثمرة معاً .
ولو شرطا تفاضلاً في الربح مثل أن يشترط أحدهما عشر الربح وتسعة أعشاره للآخر ، جاز لأنه ليس ينصرف أحدهما بغير ربح .
ومثاله في البيوع أن يبيع الثمرة إلا عشرها فيصح البيع ، لأن ما بقي منها فهو مبيع وغير مبيع .
ومن ذلك أن يشترط أحدهما رفقاً دون صاحبه مثل أن يشترط ركوب ما اشتراه من الدواب أو استخدام ما اشتراه من العبيد أو لبس ما اشتراه من الثياب مدة بقائها في القراض فيبطل القراض ، لأنه قد لا يكون في أثمانها فضل إلا ما اختص به أحدهما من الرفق فيصير منفرداً بالربح ، لأن المنفعة مقومة كالأعيان .
قال الماوردي : اعلم أن القراض ضربان : عام وخاص :