الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص309
قبضها واتجر بها صح القبض لأنه وكل فيه وكان الربح والخسران لرب المال وعليه لحدوثهما عن ملكه في قراض فاسد .
ولو كان له على العامل دين فقال له قد جعلت ألفاً من ديني عليك قراضاً في يدك لم يجز تعليلاً بأنه قراض على مال غائب ، وفيما حصل فيه من الربح أو الخسران قولان حكاهما أبو حامد في جامعه تخريجاً : أحدهما : أنه لرب المال وعليه كالحادث عن مقارضته من دين على غيره ، فعلى هذا تبرأ ذمة العامل من الدين إذا اتجر به والقول الثاني : وهو الأصح أن الربح والخسران للعامل وعليه دين رب المال ، ولا يبرأ بالتجارة من دين رب المال .
والفرق بين كون الدين عليه وبين كونه على غيره أن قبضه من غيره صحيح ؛ لأنه وكيل فيه لرب المال فعاد الربح والخسران على رب المال لحدوثهما عن ملكه ، وقبضه من نفسه فاسد لأنه يصير مبرئاً لنفسه بنفسه فعاد الربح والخسران عليه دون رب المال لحدوثهما عن ملكه لأنه في كل واحد من الموضعين يعود الربح والخسران على من له المال .
والضرب الثاني : أن تكون باقية على ضربين :
أحدهما : أن مقارضه عليها بعد إبرائه من ضمانها فيجوز لأنها تصير بعد الإبراء وديعة .
والضرب الثاني : أن يقارضه عليها من غير تصريح بإبرائه منها ففي القراض وجهان :
أحدهما : أنه باطل لأنها مضمونة عليه كالدين ، وما حصل فيها من ربح وخسران فلرب المال وعليه .
والوجه الثاني : وهو الصحيح أن القراض صحيح لأنه قراض على مال حاضر كما لو باعها عليه أو رهنها منه ، وفي براءته من ضمانها ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه قد برئ من ضمانها لأنه قد صار مؤتمناً عليها .
والوجه الثاني : أنه لا يبرأ من ضمانها كما لا يبرأ الغاصب من ضمان ما ارتهنه .
والوجه الثالث : أنه ما لم يتصرف فيها بعقد القراض فضمانها باق عليه ، وإن تصرف فيها بدفعها في ثمن ما ابتاعه بها برئ من ضمانها إن عاقد عليها بأعيانها ، ولم يبرأ إن عاقد بها في ذمته لأنها في التعيين مدفوعة إلى مستحقها بإذن مالكها فصارت كردها عليه ، وفيما تعلق بذمته يكون مبرئاً لنفسه .