الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص298
فقالت طائفة : إن اعتراض المزني غير متوجه عليهم وليس ذلك نقضاً لأصلهم لأنهم لا يقضون على غائب ما لم يتصل بحاضر يتعلق عليه الحكم وهذا قضاء على المشتري الحاضر ، وعلى البائع الغائب ، فنفذ القضاء عليه مع غيبته لنفوذه على المشتري بحضوره مع أن أبا حنيفة يجعل المشتري وكيلاً للشفيع في تملك الشقص له من البائع وهو يرى القضاء على وكيل الغائب .
وقالت طائفة أخرى منهم أبو الفياض أن هذا نقض لأصلهم على ما ذكره المزني في الاعتراض عليهم ؛ لأن دعوى الشفيع للمشتري عقد البيع كدعوى المشتري ودعوى المشتري عندهم مردودة ؛ لأنها دعوى على غائب فإذا ردوا دعوى المشتري ، وامتنعوا من القضاء له بالشراء على الغائب لزمهم أن يردوا دعوى الشفيع ويمنعوا من القضاء له على الغائب ، وإن أجازوها للشفيع لزم إجازتها للمشتري .
قال الماوردي : وهذا كما قال ، إذا كان للشقص شفيعان فاشتراه أحدهما ، وحضر الآخر مطالباً بالشفعة ، فله أخذ نصف الشقص من شريكه المشتري في شفعته ، وقال أبو حنيفة شفعة المشتري باطلة فيما اشتراه ، ولا تثبت له شفعته على نفسه ولشريكه أخذ جميع الشقص من يده وليس له تبعيض الصفقة عليه بأخذ النصف منه .
وحكاه أبو حامد الإسفراييني عن أبي العباس بن سريج ووجدت أبا العباس بن سريج قائلاً بخلافه وموافقاً لأصحابه .
ودليل أبي حنيفة أن عقد البيع يتم ببائع ومشتري ، فلما لم تجب للبائع شفعة فيما باع ، لم يجب المشتري شفعة فيما اشترى ، وتحريره قياساً أن أحد المتبايعين قد أسقط شفعته فيما ملك عقده بالبيع قال : والإنسان لا يثبت له على نفسه حق ألا ترى أن جناية السيد على عبده هدر ؛ لأنها مأخوذة منه ، فلم يجز أن تثبت للمشتري شفعة على نفسه ، وتثبت الشفعة عليه لغيره .
ودليلنا رواية أبي الزبير عن جابر قال : قال رسول الله ( ص ) : ‘ الشفعة في كل شرك ربعةٍ أو غيره لا ببيعه حتى يعرض على شريكه فإن شاء أخذ وإن شاء ترك فإن باع فشريكه أحق به حتى يؤذنه ‘ .