الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص294
إما أن يكون لهما بينة أو لا يكون لهما بينة . فإن لم يكن لهما بينة تحالفا على ما تداعياه ، والمسبوق بالدعوى مقدم في اليمين فيحلف بالله تعالى أنه لا يعلم أن صاحبه ملك قبله فتكون يمينه على العلم لتفي ما ادعاه صاحبه من تقدم ملكه ؛ لأنه منكر ويستحلف الثاني بمثل هذه اليمين التي حلف بها الأول لدعواه على الثاني مثل ما ادعاه الثاني على عليه وإذا كان كذلك فلا يخلو حال الأول من هذه اليمين الموضوعة لنفي الدعوى من أحد أمرين :
إما أن يحلف بها أو ينكل عنها . فإن حلف بها فقد برئ ما ادعى عليه وسقطت الشفعة فيما ملكه ثم يستأنف إحلاف الثاني للأول بمثل هذه اليمين وتسقط الشفعتان ، وإن نكل الأول عن اليمين رد اليمين على المدعي السابق بالدعوى ليحلف على إثبات ما ادعاه قطعاً بالله لقد ملك قبل صاحبه فإذا حلف حكم له بالشفعة ، وتسقط دعوى الناكل ؛ لأن ملكه قد أخذ بالشفعة فلم يبق له بعد زوال ملكه حق في استحقاق الشفعة به ولو كان المقدم باليمين حلف ونكل بعده الثاني ردت يمينه على الأول ليحلف بها إثباتاً لما ادعاه قطعاً بالله لقد ملك قبل صاحبه ولا يكتفي باليمين الأولى ؛ لأن الأولى لنفي ما ادعى عليه ، والثانية لإثبات ما ادعاه ولذلك كانت الأولى على العلم والثانية على البت فهذا أحدكم أيمانها عند عدم البينة .
أحدها : أن يكون فيها بيان لإثبات الشفعة ، والثاني : أن يكون فيها بيان لإسقاط الشفعة . والثالث : أن لا يكون فيها بيان لإثبات ولا لإسقاط الشفعة ، والرابع : أن يتعارض الإثبات والإسقاط .
فأما القسم الأول : وهو أن يكون فيها بيان لإثبات الشفعة فعلى ثلاثة أضرب :
أحدها : أن يقيم أحدهما البينة أنه اشترى في المحرم ويقيم الآخر البينة أنه اشترى في صفر فتكون الشفعة للأسبق منهما شراء لتقدم ملكه .
والضرب الثاني : أن يقيم أحدهما البينة أنه اشترى في المحرم وأن صاحبه اشترى في صفر فيحكم له بالشفعة وإن انفرد بإقامة البينة لثبوتها بتقدم ملكه على ملك صاحبه .
والضرب الثالث : أن يقيم أحدهما البينة أنه اشترى قبل صاحبه من غير أن يشهد بوقت العقدين . فقد قال أبو علي بن أبي هريرة : لا يحكم بهذه البينة ما لم يعين وقت العقدين ، لجواز الاشتباه . وهذا خطأ منه ؛ لأن تعيين الوقت لا يفيد أكثر من تعين أحد العقدين بأنه أسبق من الآخر فإن أشهد بأن أحدهما أسبق من الآخر أجزأ وإن لم يعين الزمان وإنما يلزم تعيين ما يتعلق به الحكم إذا كان الاجتهاد فيه مدخل كالذي يكون فيه الجرح والتعديل .
وأما القسم الثاني : وهو أن يكون فيها بيان لإسقاط الشفعة فهو أن يقيم كل واحد منهما