الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص289
أحدهما : يقبض من الشفيع ويوضع في بيت المال حتى يحضر الغائب ؛ لئلا يتصرف فيه الشفيع بغير بدل .
والوجه الثاني : يقر في ذمة الشفيع إلى قدوم الغائب ويمكن من التصرف في الشقص بما لا يؤدي إلى استهلاكه ، وإن باعه لم يمنع من بيعه ، لأن الغائب على حقه فيه مع بقاء عينه ، وهل يؤخذ بكفيل فيما حصل له عليه أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : يؤخذ به حفظاً لحق الغائب .
والثاني : لا يؤخذ به ؛ لأننا على غير يقين من استحقاقه ، وما ذهب إليه البصريون أشبه بصورة المسألة لما ذكره المزني بعده .
قال الماوردي : وصورتها أن يقول لصاحب اليد على الشقص عند ادعاء الشفعة عليه أنا وكيل لصاحبه مستودع في حفظه ، فيقيم الشفيع البينة عليه بالشراء ، ويقيم صاحب اليد البينة بأنه وكيل المستودع ، ولا تتعارض البينتان ، ويحكم ببينة الشفيع ؛ لأنه لا يمتنع أن يكون وكيلاً مستودعاً ثم يصير مشترياً مالكاً ، فإن أراد صاحب اليد أن يقيم البينة على أنه لم يشتر لم يجز ؛ لأنها بينة على نفي مجرد .
قال الماوردي : وهما مسألتان :
إحداهما : متفق عليها ، والأخرى مختلف فيها ، فأما المتفق عليها فهي في شقص لرجل واحد باعه صفقة على رجلين فللشفيع أن يأخذ الشقص كله منهما وله أن يأخذ حصة أحدهما ويعفو عن الآخر ؛ لأنهما عقدان ، وأما المختلف فيها فهي في شقص لرجلين باعاه صفقة على رجل واحد بثمن واحد فعند الشافعي أن الشفيع بالخيار بين أن يأخذ من المشتري جميع الشقص ، وبين أن يأخذ منه حصة أحد البائعين دون الآخر ، وقال أبو حنيفة لا يجوز للشفيع أن يفرق صفقة المشتري ، وله أن يأخذ الكل أو يدعه كما لو كان البائع وحداً ، وهذا خطأ ؛ لأنه عقد اجتمع في أحد طرفيه عقدان فوجب أن يكون في حكم العقدين