الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص264
قال الماوردي : وهذا كما قال . لا يجوز للشفعاء أن يفرقوا صفقة المشتري عليه لأنه لا يجوز أن يدفعوا عن أنفسهم ضرراً بإدخال مثله من الضرر ، فإذا عفا أحد الشفعاء الثلاثة كان للآخرين أن يأخذا جميع الشقص أو يعفوا عنه . ولو عفا اثنان فكان للآخر أن يأخذ جميعه ، أو يعفو عنه ، فلو أخذها الحاضر من الثلاثة ثم ردها بعيب كان لمن قدم من الغائبين أن يأخذ الكل أو يذر لأن رد الحاضر بالعيب كالعفو عن الشفعة ، فلو كان الشفيع واحداً أخذ جميع الشقص ، أو يعفو عنه وقد ذكرنا ما يكون عفواً . فأما إن ضمن الشفيع عن المشتري ثمن الشقص للبائع بأمر المشتري صح الشراء ، ولزم الضمان ، وكان الشفيع على شفعته ، ولا يكون ضمانه للثمن تسليماً للشفعة ، وهكذا لو ضمن الشفيع عن البائع درك المبيع للمشتري بأمر البائع ، أو بغير أمره صح الشراء ، ولزم الضمان وكان الشفيع على شفعته ، ولا يكون ذلك تسليماً للشفعة .
وهكذا لو شرط البائع خيار الشفيع ، فاختار الشفيع إمضاء البيع ، كان له الشفعة ، وقال أبو حنيفة لا شفعة للشفيع في هذه المواضع الثلاثة ، ويكون ذلك تسليماً منه لها ؛ لأن البيع به قد تم فكان هو البائع . وهذا خطأ لأن شفعة الشفيع مستحقة بتمام البيع فإن فعل ما يتم به البيع كان أولى أن تجب له الشفعة فعلى هذا لو ضمن الثمن ، فطالبه البائع به ، فغرمه له ، ثم أخذ الشقص بالشفعة نظر : فإن كان ضمانه للثمن بأمر المشتري ، فقد برئ الشفيع مما استحقه المشتري عليه بالثمن لأنه قدم تعجيله عنه إلى البائع ، وإن كان ضمانه للثمن بغير أمر المشتري لم يبرأ بما استحقه المشتري عليه من الثمن ؛ لأنه تطوع بغرمه للبائع ويحكم بدفعه ثانية إلى المشتري ، وإن كان الشفيع ضمن للمشتري درك المبيع ثم أخذ منه الشقص بشفعته ثم استحق من يده لم يرجع على المشتري بعهدته ، لأن المشتري إذا استحق من يده أن يرجع على الشفيع بعهدته .
أحدها : أن البيع يتم ببائع ومشترٍ ، ثم لم يمنع كونه مشترياً لغيره من ثبوت شفعته ، ويجب أن لا يمنع كونه بائعاً لغيره من ثبوت شفعته . والثاني : أن وجوب الشفعة بعد إبرام البيع فلم يعتبر ما تقدم كالعفو ، والثالث : أن بيعه حرص منه على ثبوت شفعته فإذا ثبت هذا