الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص263
وكلا الوجهين عندي مدخول ، والصحيح أن يكون الشقص بينهم على تسعة أسهم : سهمان للعافي وثلاثة أسهم للآخر وأربعة أسهم للمعفو عنه ووجه ذلك أن العافي لما صالحه على الثلث صار الشقص بينهما على ثلاثة أسهم ، سهم للعافي وسهمان للمعفو عنه ، فإذا قدم الغائب الآخر فله أن يرجع على العافي بثلث ما بيده لأن له ثلث الشفعة فيكون له ثلث سهم ويرجع على المعفو عنه بثلث ما بيده من السهمين فيكون ثلثي سهم فيصير جميع ما أخذه منهما سهماً واحداً ، ويبقى على العافي ثلاثة أسهم وعلى المعفو عنه سهم وثلث فاضرب ذلك في مخرج الثلث وهو ثلاثة فيكون تسعة أسهم للعافي سهمان لأنه له ثلثي سهم في ثلاثة وللآخر منها ثلاثة أسهم لأنه له سهماً في ثلاثة وللمعفو عنه أربعة أسهم لأن له سهماً وثلثا في ثلاثة ولم يجز أن يكون الأخير مساوياً للمعفو عنه لأنه غير المقصود بالمحاباة والعفو . والله تعالى أعلم .
قال الماوردي : وهذا كما قال : إذا كان للشقص المبيع ثلاثة شفعاء فحضر اثنان فأخذا الشقص بينهما لغيبة الثالث منعا من قسمته ؛ لأن في الشقص حقاً لشريكهما الغائب مع السهم الذي له بقديم ملكه فإن اقتسماه كانت القسمة باطلة لما ذكرنا ، فلو حضر الغائب فعفا عن الشفعة لم تصح القسمة المتقدمة ، لفسادها ، ولو أراد الشفيعان الحاضران أن يبيعا ما كان لهما بقديم الملك وما أخذاه بحادث الشفعة لم يمنعا من ذلك لحق الغائب .
وهكذا لو أرادا أن يبيعا ما أخذاه بالشفعة دون ما كان لهما بقديم الملك لم يمنعا ، وإنما كان كذلك لأن الغائب قادر على أخذه بأي العقدين شاء ، فإذا قدم الغائب وقد باع الحاضران ما أخذاه بالشفعة فهو بالخيار بين أن يأخذ بالشفعتين ، وبين أن يأخذه بالأولى ويعفو عن الثانية ، وبين أن يأخذ بالثانية ، ويعفو عن الأولى . فإن أراد أن يأخذ بالشفعتين أخذ بالأولى ثلث الشقص وبطل البيع فإن أحب أن يأخذ بشفعته الثانية صح ، وأخذ بالثانية نصف الباقي وهو ثلث الشقص ؛ لأنه أخذ شفعتين فيحصل له ثلثا الشقص بالشفعتين .
وإن أراد أن يأخذ بالشفعة الثانية ويعفو عن الأولى صح البيع في الجميع ، وأخذ نصف الشقص كله ؛ لأنه أخذ شفعيتن ، وإن أراد أن يأخذ بالشفعة الأولى ويعفو عن الثانية أخذ ثلث الشقص لأنه أخذ ثلث الشفعة ، فإن أحب أن يأخذه بشفعته الثانية صح البيع في الكل ، وكان له أخذ الجميع بها لأنه شفيع واحد . وإن أراد أن يأخذه بالشفعتين أخذ ثلث الشقص بشفعته الأولى وبطل فيه البيع وصح في ثلثيه فيما كان لهما بقديم الملك . فإن أحب أن يأخذه بشفعته الثانية صح .