الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص258
فأما الجواب عن قياسهم على خيار البدل والقبول فهو أنه منتقض بخيار الرد بالعيب ثم خيار البدل والقبول يجوز أن يورث لولا أنه مستحق على الفور فكان بطلان ميراثه لتراخي زمانه لاستحالة إرثه ، ثم المعنى في خيار القبول أنه لما لم يجز أن يستنيب المبدول له من يقبل عنه لم ينتقل إلى وارثه ولما جاز أن يستنيب الشفيع من يطالب عنه انتقل إلى وارثه .
وأما الجواب عن قياسهم على اللعان فهو ما ذكرنا أن النيابة في اللعان لا تصح وليس المنع من أخذ العوض عن الشفعة بمانع من أن يورث كالرد بالعيب لا يجوز أخذ العوض عنه ويجوز أن يورث .
وأما الجواب عن استدلالهم بأن ملك الورثة طارئ فهو أنهم ليس يملكونها لأنفسهم بالطارئ من ملكهم وإنما ينتقل إليهم ميراثاً عن ميتهم فقاموا فيه مقامه كمن وصى له بابنه المملوك فمات قبل قبوله وترك ابناً آخر فقبل بعد موت أبيه الوصية بأخيه عتق عليه وإن كان الأخ لا يعتق أخيه لأنه قبله نيابة عن أبيه .
وأما الجواب عن استدلالهم بأن الحقوق الموروثة ترد عفو الموصى عنها كالديون فهو أن أصحابنا قد اختلفوا في ذلك فكان بعضهم يجعل للوارث إبطال عفوه فعلى هذا سقط السؤال وقال الأكثرون منهم وهو الصحيح أن عفوه ماض ولا اعتراض عليه للوارث لأنهم إنما يعترضون عليه فيما استقر عليه ملكه من الأملاك ولم يستقر له ها هنا ملك ، وإنما هو سبب يفضي إلى الملك ، فصار كقبض الهبة الذي يملك به الهبة ولو رده المريض لم يعترض الورثة عليه وإن جاز أن يقوموا في القبض مقامه .
وأما الجواب عن استدلالهم بأن ما كان موروثاً صار لبيت المال عند عدم الورثة فهو أن لأصحابنا فيه وجهان :
أحدهما : أنه موروث لبيت المال ويستحق الإمام أخذه بالشفعة لكافة المسلمين إذا رأى ذلك صلاحاً .
والوجه الثاني : لا شفعة فيه وقد بطلت لأن الشفعة تجب لدفع الضرر بها فبطلت الشفعة وليس كذلك الوارث ، لأنه يختص بالتصرف فلحقه الضرر فاستحق الشفعة . والله أعلم بالصواب .