الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص257
وكثرته فوجب أن تتقسط على الأملاك دون الملاك ، وأما سوء المشاركة فظلم يمكن دفعه بالسلطان ، وفي هذا انفصال فعلى هذا تكون الشفعة بينهما على ثلاثة أسهم لصاحب النصف سهمان ولصاحب الربع سهم واحد وتصير جميع الدار بينهما أثلاثاً .
قال الماوردي : أما الشفعة فموروثة تنتقل بموت الشفيع قبل عفوه إلى ورثته .
وقال أبو حنيفة : الشفعة غير موروثة وقد بطلت بموت الشفيع ، استدلالاً بأنه خيار موضوع لاستخلاف مال فوجب أن يبطل بالموت قياساً على خيار البدل والقبول ، ولأن الشفيع يستحق بشفعته دفع الضرر عن ماله كالزوج الذي يستحق باللعان دفع الضرر الداخل عليه في نسبه ، ثم ثبت أن اللعان يبطل بالموت ولا يصير موروثاً فوجب أن تبطل الشفعة بالموت ولا تصير موروثة .
وتحريره قياساً : أن ما وضع لدفع الضرر من الخيار إذا لم ينتقل إلى مال بطل بالموت كاللعان ، قال : ولأن ملك الورثة مستحدث بعد وجوب الشفعة وحدوث الملك بعدها يمنع من إيجابها كمن استوهب ملكاً بعد وجوب الشفعة لم يستحق به شفعة ، قال : ولأن الحقوق الموروثة إذا عفا عنها المريض كان عفوه مردوداً كالديون فلما كان عفو المريض عن الشفعة صحيحاً وليس للورثة فيه اعتراض ، دل على أنه غير موروث ، قال : ولأن ما ورث بالأسباب والأنساب انتقل إرثه عند عدمهم إلى بيت المال فلما لم يجز للإمام أن يأخذ بالشفعة لبيت المال ، دل على أن الشفعة غير موروثة ميراث الأموال .
ودليلنا قوله تعالى : ( يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ ) ( النساء : 11 ) فكان على عمومه ولأنه حق يلزم في البيع فوجب أن يكون موروثاً كالرد بالعيب ولأن الشفعة من حقوق الملك فوجب أن تكون موروثة مع الملك كطرق الأملاك ومرافقها ، والرهن في الديون ، وضمانها ولأن الموت يسقط التكليف ، وما سقط به التكليف لم تبطل به الشفعة كالجنون ، ولأنه قبض استحق في عقد بيع فوجب أن يكون كالقبض في البيع .