الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص249
الشفيع فالقول قول من امتنع من القيمة ودعا إلى المثل إلا أن يتراضيا جميعاً بالقيمة ويعدلا عن الثمن .
والضرب الثاني : ما لا مثل له كعبد أو ثوب فالشفعة واجبة بقيمة الثمن وقال الحسن البصري : إذا لم يكن للثمن مثل فلا شفعة فيه وهذا خطأ لقوله ( ص ) : ‘ الشفعة فيما لم يقسم ‘ ولأن وضع الشفعة لدفع الضرر يوجب أخذها بكل ثمن ، وفي إبطالها بما لا مثل له ذريعة إلى أن يقصد المتبايعان إبطالها بما لا مثل له . فإن اختلفا في قيمتها وهناك بينة عمل عليها ، وإن عدما البينة كان القول قول المشتري مع يمينه لما ذكرنا .
قال الماوردي : وهذا كما قال . إذا تزوجها على شقص أصدقها وجبت فيه الشفعة ، وهكذا لو خالعها عليه وقال أبو حنيفة لا شفعة فيه استدلالاً بأمرين :
أحدهما : أنه مملوك بغير مال فلم تجب فيه الشفعة كالهبة والميراث .
والثاني : أن البضع لا يقوم إلا في عقد أو شبه عقد وليس بين الشفيع وبينها ما يوجب تقويم بضعها .
ودليلنا عموم قوله ( ص ) : ‘ الشفعة فيما لم يقسم ‘ ولأنه عقد معاوضة فجاز أن تثبت فيه الشفعة كالبيع ، ولأنه عقد يجري فيه الرد بالعيب فوجب أن تثبت فيه الشفعة كالبيع ولأنه معنى وضع لدفع الضرر عن الملك فوجب أن يثبت في الصداق كالرد بالعيب .
ولأنه معنى يوجب زوال اليد المستحدثة عن المشتري فوجب أن يستحق زوال اليد عن الصداق كالاستحقاق ولأن كل عقد استحق فيه إقباض الشقص استحق به إقباضه شفعة كالبيع ولأن كل قبض وجب في عقد البيع وجب في عقد الصداق كالقبض الأول وبيانه أن في البيع قبضين :
قبض المشتري من البائع وقبض الشفيع من المشتري ثم وجب في الصداق قبض الزوجية من الزوج فوجب قبض الشفيع من الزوجة .
وأما الجواب عن قوله : إنه مملوك بغير مال ، فهو أن البضع في حكم الأموال لأمرين :
أحدهما : أنه يعاوض عليه بمال .
والثاني : أنه مقوم في اغتصابه بالمال ، وما لم يكن مالاً لم يقوم في استهلاكه بالمال ثم المعنى في الهبة والميراث أنه مملوك بغير بدل فلم تجب فيه الشفعة والصداق مملوك ببدل فوجبت فيه الشفعة .