الحاكم وهو أن يشهد شاهدين عدلين أو شاهداً وامرأتين ، فإن أشهد شاهداً واحداً ليحلف معه لم يجز ؛ لأن من الحكام من لا يحكم بالشاهد واليمين فلم يصر مستوثقاً لنفسه بالإشهاد .
ولو أشهد عبيداً ، أو صبياناً ، أو فساقاً لم يجزه .
وقال أبو حنيفة : يجزيه إشهادهم ، لأنه قد تعتق العبد ، ويرشد الفساق ، ويبلغ الصبيان ، وهذا خطأ ، لأن مقصود الشهادة هو الأداء فلم ينفع إشهاد من لا يصح منه الأداء ، وليس ما ذكره من جواز انتقالهم عن أحوالهم بأغلب من جواز بقائهم على أحوالهم ، فلو لم يشهد وطالب عند الحاكم بالشفعة فهو أقوى من الشهادة في ثبوت الشفعة .
فصل
: والحالة الثالثة : أن يعجز عن التوكيل والإشهاد فهو على حقه من الشفعة وإن تطاول به الزمان ما لم يقدر على القدوم للطلب فإن قدر على القدوم فأخذ فيه على المعهود والمسير من غير إرهاق ولا استعجال كان على شفعته ، وإن أخر قدومه عن وقت المكنة بطلت شفعته ، فإن اختلفا فقال المشتري أخرت القدوم مع القدرة عليه ، وقال الشفيع أخرته للعجز عنه فالقول قول الشفيع مع يمينه إذا كان ما قاله ممكنا ، ويكون على شفعته ولا يقبل قول المشتري في إبطالها ، وهكذا لو قال المشتري قدمت لغير المطالبة ، وقال الشفيع قدمت للطلب كان القول قوله مع يمينه وهو على شفعته وهكذا لو قال المشتري تقدم علمك عل زمان الطلب وقال الشفيع لم أعلم إلا وقت الطلب فالقول قول الشفيع مع يمينه .
فصل
: فأما ما يصير به عالماً فالبينة العادلة وكل خبر وقع في نفسه صدقه ولو من امرأة أو عبد ، أو كافر ، ولأن ما تعلق بالمعاملات يستوي فيه خبر الحر والعبد والعمل والفاسق إذا وقع في النفس أن المخبر صادق .
وقال أبو حنيفة : لا يصير عالماً إلا بالبينة العادلة لأن الحق لا يثبت إلا بها .
ولو علم الشفيع بالبيع فأمسك عن الطلب لجهلة باستحقاق الشفعة ففي بطلانه وجهان مخرجان من اختلاف قوليه في الأمة إذا أعتقت تحت عبد فأمسكت عن الفسخ لجهلها باستحقاقه .
فصل
: وإذا تبايعا بالبصرة شقصاً من دار بمصر وحضر الشفيع مطالباً فأخر طلبها مع القدرة عليه ليأتي مصر فيطالبه بها بطلت شفعته ، لأن قدرته على أخذها بالبصرة كقدرته على أخذها بمصر ولكن لو أنكره المشتري بالبصرة أنه خليط فأخرها ليقيم البينة بمصر كان على شفعته إذا لم يجد بينة بالبصرة ، واختلف أصحابنا فيما تشهد به البينة في استحقاق الشفعة على وجهين :