پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص240

فصل

: والحالة الثالثة : من أحوال الشفيع بعد علمه بالبيع وتمكنه من الأخذ أن يمسك عن الطلب ففيه ثلاثة أقاويل :

أحدهما : وهو قوله في الجديد والإملاء وبه تقع الفتيا أن الشفعة قد بطلت بانقضاء زمان المكنة وأن حق طلبها على الفور .

والقول الثاني : أن حق الشفعة مؤقت بثلاثة أيام بعد المكنة فإن طلبها إلى ثلاث كان على حقه ، وإن مضت الثلاث قبل طلبه بطلت .

قال الشافعي رضي الله عنه في كتاب السير قال : وهذا استحسان وليس بأصل .

والقول الثالث : أن حق الشفعة ممتد على التراخي من غير تقدير بمدة وبه قال في القديم . فإذا قيل بالقول الأول إن حق الشفعة على الفور وبه قال أبو حنيفة فوجهه ما روي عن النبي ( ص ) : ‘ الشفعة كنشطة عقالٍ فإن أخذها فهي له ، وإن تركها رجع باللائمة على نفسه ‘ ؛ ولأن حق الشفعة موضوع لإزالة الضرر فاقتضى أن تكون على الفور كالرد بالعيب ، ولأن في استدامتها إدخال ضرر على المشتري مستديماً إذ ليس يعلم بقاء ملكه فيتصرف ، ولا زوال ملكه فيطالب بالثمن ، وأن ما وضع لإزالة الضرر لم يجز أن يدخ به أعظم الضرر ، فعلى هذا القول يعتبر بالمكنة المعهودة من غير إرهاق ولا عجلة .

فإذا علم مكن بعد العلم من لبس ثوبه ، وجمع ماله ، وغلق بابه ، وصلاة وقته فإذا توجه إلى المشتري مشى على مهل كعادته ، فإذا ألقى المشتري جاز أن يبدأ بالسلام عليه قبل المطالبة ، وقال محمد بن الحسن : إن قدم السلام على المطالبة بطل حقه من الشفعة ، وهذا خطأ لما فيه من ترك السنة المأثورة ، وخرق العادة المستحسنة .

ولكن لو حادثه بعد السلام وقبل المطالبة بطل حقه من الشفعة ، وعلى هذا لو طلب ثم أمسك بعد الطلب من غير صريح بالعفو ولا تعريض بطلت شفعته حتى يكون مستديماً للطلب بحسب المكنة .

وقال أبو حنيفة : ‘ شفعته باقية أبداً إذا قدم الطلب ما لم يصرح بالعفو ‘ .

وقال محمد بن الحسن : ‘ شفعته باقية في زمان إمساكه إلى مدة شهر فإن طلب بعده وإلا سقطت شفعته وكلا المذهبين ، لأن المقصود بالطلب الأخذ فإذا أمسك عنه لم يكن للطلب تأثير ، وبطل بالإمساك خياره .

فصل

: وإذا قيل بالقول الثاني : إن حق الشفعة مقدر بثلاثة أيام بعد المكنة ، فوجهه أن الشفعة موضوعة لارتفاع الشفيع بها في التماس الحظ لنفسه في الأخذ أو الترك ، ولإجبار المشتري في حسن المشاركة فيقرأ وفي سوء المشاركة ليصرف ، فلو روعي فيه الفور ضاق