الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص232
والثاني : ما يجب فيه الشفعة ، والثالث : من تجب له الشفعة ، والرابع : ما تؤخذ به الشفعة .
فأما الفصل الأول : وهو ما تجب به الشفعة ، فهو انتقال الملك بعقود المعاوضات .
والعقود على ثلاثة أقسام : قسم يجب فيه العوض ، وقسم لا يجب فيه العوض ، وقسم اختلف قوله في وجوب العوض فيه .
فأما الموجب للعوض فخمسة عقود : البيع ، والإجارة ، والصلح ، والصداق ، والخلع . فالشفعة بجميعها مستحقة كالبيع لانتقال الملك بها عوضاً أو معوضاً وسنشرح حال كل واحد منهما في موضعه .
وأما ما لا يوجب العوض إما لأنه لا ينقل الملك كالرهن والعارية أو لأنه لا يوجب العوض مع انتقال الملك كالوقف والوصية فلا شفعة به لأن ما لا ينقل الملك لا يستحق به نقل الملك وما لا عوض فيه لا معوض فيه .
فأما إذا قال الرجل لأم ولده إذا خدمت ورثتي سنة بعد موتي فلك هذا الشقص فخدمتهم سنة بعد موته فاستحقت الشقص واختلف أصحابنا هل يغلب في ملكها للشقص حكم المعاوضات أو حكم الوصايا على وجهين :
أحدهما : أن حكم المعاوضات عليه أغلب لأنها استحقته بخدمتها فعلى هذا يأخذه الشفيع بعد انقضاء السنة بأجرة مثل خدمتها تلك السنة .
والوجه الثاني : وهو الظاهر من مذهب الشافعي رضي الله عنه أن حكم الوصايا عليه أغلب لأمرين :
أحدهما : اعتباره من الثلث ، والثاني : ملكه الشقص عمن لم يملك الخدمة فعلى هذا يكون وصية على صفة بعد الموت ولا شفعة فيها .
وأما ما اختلف قوله في وجوب العوض فيه فعقد الهبة اختلف قوله في وجوب المكافأة عليها فقال في القديم والإملاء بوجوب المكافأة عليها فعلى هذا تجب الشفعة بها بالثواب الذي تجب به المكافأة . فعلى هذا لو شرط الثواب فيها قدراً معلوماً كان على قولين :
أحدهما : قاله في الإملاء ، إن الهبة جائزة والشفعة فيها واجبة بالثواب المشروط لأنها إذا صحت مع الجهل بالثواب كانت مع العلم به أصح .
والقول الثاني : أن الهبة بشرط الثواب باطلة ، والشفعة فيها ساقطة لأن تقدير العوض