الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص229
والثاني : قوله : ‘ فإذا وقعت الحدود فلا شفعة ‘ فصرح بسقوط الشفعة مع عدم الخلطة .
فإن قيل : فإنما نفى الشفعة عنه بالقسمة الحادثة بعده ففيه جوابان :
أحدهما : أنه محمول على عموم القسمة حادثة ومتقدمة .
والثاني : أنه إنما نفى الشفعة عن المقسوم بما أثبتها في غير المقسوم فلما أثبتها في غير المقسوم بالبيع دل على أنه نفاها عن المقسوم بالبيع ، وروى أبو داود عن أحمد بن حنبل عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر رضي الله عنه قال : ‘ إنما جعل رسول الله ( ص ) الشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة ‘ .
وهذا أقوى استدلالاً بالوجهين المذكورين من الأول ؛ لأن في قوله : إنما إثباتاً لما اتصل بها ونفياً لما انفصل عنها كقوله ( ص ) : ‘ إنما الأعمال بالنيات ‘ .
فإن قيل إنما نفى الشفعة بصرف الطرقات وهي للجار غير مصروفة ؟ قيل : الطرقات التي تصرف بالقسمة مختصة باستطراق المشاع الذي يستطرقه الشريك ليصل له إلى ملكه فإذا وقعت به القسمة انصرف استطراقه من ملك شريكه فأما غيره من الطرقات المستحقة فلا تنصرف أبداً .
وروى ابن جريج عن الزهري عن أبي سلمة أو عن أبي سعيد أو عنهما جميعاً عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ‘ قال رسول الله ( ص ) : ‘ إذا قسمت الأرض وحدت فلا شفعة فيها ‘ .
والدليل من طريق القياس هو أن تمييز ‘ المبيع يمنع ‘ من وجوب الشفعة فيه كالذي بينهما طريق نافذة لأن المبيع إذا لم يكن له حال يترقب فيها المقاسمة لم يثبت فيه الشفعة قياساً على مشاع الغراس والأبنية ، ولأن أصول الشرع مقررة على الفرق بين أحكام المال المشترك وغير المشترك ألا ترى أن من أعتق حصة له من عبد قوم عليه باقية ولا يقوم عليه غيره ولو أعتق بعض عبده عتق جميعه ولا يعتق غيره ولو بدأ إصلاح بعض حائطه حكم بإصلاح جميعه ولا يحكم بإصلاح غيره .
فكانت شواهد هذه الأصول توجب في الشفعة ‘ إذا ثبتت في الشركة أن تنتفي عن غير الشركة لأن الشفعة إنما وجبت لدفع الضرر بها لا لدخول الضرر فيها ، وفي وجوبها للجار