پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص206

فأما الفصل الأول من الفصول الثلاثة وهو أن يهبه لرجل فيأكله الموهوب له فرب الطعام بالخيار بين أن يرجع به على الغاصب لتعديه بأخذه ، وبين أن يرجع على الموهوب له لاستهلاكه بيده ، فإن رجع به على الموهوب له فأغرمه إياه لم يخل حاله من أن يكون قد علم بأنه مغصوب أو لم يعلم بأنه مغصوب لم يرجع بغرمه على الغاصب لأنه قد صار بعلمه كالغاصب وإن لم يعلم بأنه مغصوب ففي رجوعه على الغاصب بما يغرمه قولان :

أحدهما : أنه يرجع به على الغاصب لأنه غار له في إيجاب الغرم .

والقول الثاني : أنه لا يرجع على الغاصب لبطلان هبته فصار كاستهلاكه إياه من غير هبته وإذا رجع المالك بغرمه على الغاصب الواهب فإن كان الموهوب له عالماً بأنه مغصوب رجع على الغاصب عليه بما غرم وإن لم يعلم بأنه مغصوب ففي رجوعه بالغرم على الموهوب له قولان :

أحدهما : لا يرجع به لأنه غار وهذا على القول الذي يقول إن الموهوب له يرجع على الغاصب الغار .

والقول الثاني : إنه يرجع على الموهوب له بالغرم لأنه متلف وهذا على القول الذي يقول إن الموهوب له لا يرجع لأنه متلف . فلو اختلف الغاصب والموهوب له في علمه بكون الطعام مغصوباً فادعى الغاصب علمه ليكون مضموناً عليه ، وأنكر الموهوب له العلم نظر فإن قال له الغاصب أعلمنك عند الهبة أنه مغصوب فالقول قول الغاصب وإن قال أعلمت من غيري فالقول قول الموهوب له والفرق بينهما أنه إذا ادعى إعلامه بنفسه فقد أنكر عقد البهيمة على الصحة فقبل قوله وليس كادعائه عليه .

وأما الفصل الثاني : وهو أن يأذن له في أكله فيأكل من غير هبة وإقباض فإن علم الأكل بأنه مغصوب فهو مضمون عليه وربه بالخيار بين أن يرجع به على الأكل فيغرمه ولا يرجع الآكل به على الغاصب ، وبين أن يرجع به على الغاصب فيغرمه ويرجع الغاصب به على الأكل ، وإن لم يعلم بأنه مغصوب فربه أيضاً بالخيار في إغرام أيهما شاء فإن غرم الأكل فقد اختلف أصحابنا فذهب البغداديون إلى أن في رجوعه بالغرم على الغاصب قولين كما لو استهلكه من غير هبته ، وذهب البصريون إلى أنه يرجع به قولاً واحداً والفرق بين الأكل والموهوب له أن استهلاك الأكل بإذن الغاصب فرجع عليه واستهلاك الموهوب له بغير إذن الغاصب فلم يرجع عليه فإن غرم المالك الغاصب فعلى مذهب البغداديين يكون رجوعه بالغرم على الأكل على قولين وعلى مذهب البصريين لا يرجع به قولاً واحداً .

وأما الفصل الثالث : وهو أن يطعمه بهيمة لرجل أو عبد . فهذا على ضربين :