الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص196
دقيقاً على قيمتها حباً استحق المغصوب منه أن يرجع على الغاصب بعد أخذ المثل بقدر الزيادة في الدقيق كما لو غصب منه جارية فسمنت ثم ردها بعد ذهاب السمن ضمن نقص السمن الحادث في يده مع بقاء العين فلأن يضمن نقص الزيادة مع استرجاع المثل أولى .
والضرب الثالث : أن يكون الأصل بما ليس له مثل والمستخرج منه مما له مثل كالزيتون إذا اعتصره زيتاً لأن للزيت مثل وليس للزيتون مثل فيكون للمغصوب منه بمثل الزيت المستخرج وبنقص إن حدث في الزيتون لأنه لما صار المغصوب ذا مثل كان المثل أولى من قيمة الأصل لتقديم المثل على القيمة .
والضرب الرابع : أن يكون الأصل مما له مثل والمستخرج منه مما له مثل كالسمسم إذا اعتصره شيرجاً لأن كل واحد من السمسم والشيرج مثل فيكون للمغصوب منه الخيار في الرجوع بمثل أيهما شاء من السمسم أو الشيرج لثبوت ملكه على كل واحد منهما بعد الغصب فإن رجع بالسمسم وكان أنقص ثمناً من الشيرج فأراد نقصه لم يجز وقيل إن رضيت به وإلا فاعدل عنه إلى الشيرج ولا أرش لك لأن عين مالك مستهلك ولكل حقك مثل فلا معنى لأخذ الأصل مع الأرش مع استحقاقك لمثل لا يدخله أرش .
قال الماوردي : وقد ذكرنا هذه المسألة فيما مضى من أقسام الغاصب ثوباً إذا صبغه ، وسنذكر الآن لتكرارها ما حضر من الزيادة فيها فإذا غصب ثوباً وزعفراناً وصبغه به نظر ، فإن رضي المغصوب منه بأخذه مصبوغاً من غير تقويم فذاك له وإن طلب استيفاء حقه وجب تقويم الثوب أبيض وتقويم الزعفران صحيحاً ، فأما الثوب فيعتبر قيمته وقت الصبغ وأما الزعفران فتعتبر قيمته أكثر ما كانت من وقت الغصب إلى وقت الصبغ والفرق بينهما أن الزعفران مستهلك في الصبغ فاعتبر بأكثر قيمته في السوق لأن زيادة السوق مع الاستهلاك مضمونة ، والثوب غير مستهلك فلم يعتبر أكثر ما كان قيمة لأن زيادة السوق مع بقاء العين غير مضمونة فإذا قيل قيمة الثوب عند الصبغ عشرة وقيمة الزعفران في أكثر أحواله إلى وقت الصبغ عشرة فصار المضمون على الغاصب من القيمتين عشرين درهماً فتعتبر حينئذ قيمة الثوب مصبوغاً عند أخذه من الغاصب إذا كان السوق فيها على الحال المعتبرة في تقويمها على الغاصب لم تزد ولم تنقص فإن زادت السوق لم تعتبر الزيادة لدخول الضرر بها على المغصوب منه وإن نقصت السوق لم يعتبر النقصان لدخول الضرر به على الغاصب فإذا قوم مصبوغاً على ما وصفنا فإن كانت قيمته عشرين درهماً فصاعداً أخذه المغصوب منه بزيادته