الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص179
إلى وجود المثل ثم رجع مطالباً بالقيمة قبل الوجود فذلك له لتعجل حقه بخلاف المسلم في الشيء إلى مدة ينقطع فيها فرضي المسلم بالصبر إلى وجوده ، فلا يكون له الرجوع قبله ، والفرق بينهما إن تعذر وجود السلم عيب فإذا ارتضى به لزمه ذلك بالعقد ، وصبر المغصوب منه إلى وجود المثل إنظار وتأجيل تطوع به فلم يلزم .
قال الماوردي : قد ذكرنا أن ماله مثل فهو مضمون في الغصب بالمثل ، وما لا مثل له فهو مضمون بالقيمة . فأما حد ما له مثل فقد قال الشافعي وما كان له كيل أو وزن فعليه مثل كيله أو وزنه ، وليس ذلك منه حداً لما له مثل لأن كل ذي مثل مكيل أو موزون له مثل . وإنما ذكر الشافعي رضي الله عنه ذلك شرطاً في المماثلة عند الغرم ولم يجعله حداً لما له مثل ، وحد ما له مثل أن يجتمع فيه شرطان : تماثل الأجزاء وأمن التفاضل ، فكل ما تماثلت أجزاؤه وأمن تفاضله فله مثل كالحبوب والأدهان ، فإن كان مكيلاً كان الكيل شرطاً في مماثلته دون الوزن وإن كان موزوناً كان الوزن شرطاً في مماثلته دون الكيل ، فأما ما اختلفت أجزاؤه كالحيوان والثياب أو خيف تفاضله كالثمار الرطبة فلا مثل له وتجب قيمته .
أحدهما : يرجع إلى قيمة الأصل المغصوب في أكثر ما كان قيمة من وقت الغصب إلى وقت التلف . والقول الثاني : يرجع إلى قيمة المثل ، لأن المثل هو المستحق بالغصب ثم قيمة المثل تختلف باختلاف الأمكنة ، واختلاف الأزمة فإن للمثمن في كل بلد ثمن ، وفي كل زمان ثمناً . فأما المكان الذي يستحق اعتبار القيمة فيه فهو الموضع الذي كان الغصب فيه لأن المثل لو كان موجوداً لاستحق تسليمه في مكان الغصب وكذا قيمته ، وإن كان المثمن مغصوباً بالبصرة ، اعتبرت قيمته بالبصرة وإن كان ببغداد اعتبرت قيمته ببغداد وعندي من وقت التلف إلى وقت العدم وأما زمان القيمة ففيه وجهان :
أحدهما : ذكره أبو عي الطبري في إفصاحه ، أنه تعتبر قيمته أكثر ما كانت قيمته من