الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص170
قيمته تنقص إن قلع عما كانت عليه قبل الغرس والبناء فطالبه بأرش النقص مع ترك الغرس والبناء قائماً ، فإن قيل بالوجه الأول إنه لا يجبر على القلع لم يكن له أرش إذا لم يكن له قائماً نقص . وإن قيل بالوجه الثاني إنه يجبر على القلع استحق الأرش إن كان قائماً غير ناقص لأنه لما استحق المطالبة به مع التزام مؤنة القلع فأولى أن يستحق المطالبة به مع عفوه عن القلع .
فصل
: وأما القسم الثالث : وهو أن يكون الغرس والبناء مغصوبين من غير مالك الأرض فلكل واحد من رب الأرض ورب الغرس أن يأخذ الغاصب بالقلع ثم يرجع كل واحد منهما عليه بأرش ما نقص من ملكه فيرجع رب الأرض بما نقص من أرضه ويرجع رب الغرس بما نقص من غرسه فلو أن رب الأرض اشترى الغرس من ربه قبل القلع صار مالكاً لهما ، وله أن يأخذ الغاصب بالقلع إن كان في قلعه عرض صحيح ويأخذ منه نقص الأرض دون الشجر لأنه استحدث ملك الشجر بعد الغصب ولو أن رب الشجر اشترى الأرض من ربها قبل القلع صار مالكاً لها وكان له مطالبة الغاصب بالقلع إن كان في قلعه غرض صحح ثم يأخذ منه نقص الشجر دون الأرض لأنه استحدث ملك الأرض بعد الغصب فلو كان كل واحد منهما على ملكه وأبى الغاصب أن يلتزم لهما مؤنة القلع واختلفا في تحملهما ففيمن تجب عليه وجهان :
أحدهما : أنها تجب على صاحب الأرض لأته يريد خلاص أرضه .
والثاني : أنها تجب على صاحب الغرس لأنه يريد أخذ غرسه ثم هي لمن غرمها دين على الغاصب .
فصل
: فلو أطارت الريح أو حمل السيل حنطة رجل إلى أرض آخر فنبتت فيها فقد اختلف أصحابنا في إقراره على وجهين حكاهما أبو القاسم بن كج : أحدهما : يقلع لأن حكم العمد والخطأ في الأموال سواء . والثاني : يقر على حاله إلى وقت حصاده لأن مالكه غير متعد به وأصح عندي من هذين الوجهين أن ينظر في الزرع بعد قلعه فإن كانت قيمته مقلوعاً كقيمة الحنطة أو أكثر أجبر على قلعه لأنه لم يدخل عليه نقص حين نبتت ، وإن كانت قيمته لو قلع أقل من قيمة الحنطة ترك ولم يقلع لأنه لم يتعد فيلتزم ضرر عدوانه ، وما يدخل على رب الأرض من الضرر فقد استدركه بالأجرة التي يستحقها بعد العلم والتنازع ولا أجرة لرب الأرض فيما قبل لأنه لم يكن منه فعل يتعلق به ضمان .
وقال مالك قد زال ملك الأول عما احتمله السيل من الحنطة وصار ملكاً للثاني . وهذا خطأ لأن ضياع المال لا يزيل ملك ربه عنه والله أعلم .
مسألة
قال الشافعي رحمه الله : ‘ ولو حفر فيها بئراً فأراد الغاصب دفنها فله ذلك وإن لم ينفعه ‘ .