الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص168
جائز . وأما قوله من زرع أرض قومٍ بغير إذنهم فليس له في الزرع شيءٌ ففي جوابان
أحدهما : أنه يستعمل على أنه زرع أرضهم ببذرهم .
والثاني : ليس له في الزرع حق الترك والاستبقاء بما بينه بقوله : ليس لعرقٍ ظالمٍ حق . وقوله فله نفقته يحتمل أمرين :
أحدهما : أنه أراد زرعه فعبر عن الزرع بالنفقة .
والثاني : أنه أراد وله نفقته في أنه لا يرجع بها ، وأما قياسهم على الشفعة فمنتقض بإدخال المتاع ويسير الغراس والبناء ، ثم المعنى في الشفعة أن الملكين لا يتميزان ولذلك خصصنا الشفعة بالخلطة ، وفي الغصب يتميز فصار كالجار الذي لا يستحق عندنا شفعة .
فإذا ثبت هذا فلا يخلو حال الغرس والبناء من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن تكون ملكاً للغاصب .
والثاني : أن يكون مغصوباً من رب الأرض . والثالث : أن يكون مغصوباً من غيره .
فأما القسم الأول : وهو أن يكون ملكاً للغاصب فلرب الأرض والغاصب أربعة أحوال :
أحدها : أن يتفقا على ترك الغرس والبناء بأجر وبغير أجر فيجوز ما أقام على إنفاقهما لأن الحق فيه مختص بهما ثم ينظر فإن كان بعقد صحيح استحق المسمى فيه ولم يكن له الرجوع في مطالبة المستأجر بالقلع قبل ما يقضي المدة سواء علم قدر أجرة المثل أم لم يعلمها ، وإن كان بغير عقد فله أجرة المثل ما لم يصرح بالعفو عنهما وأن يأخذه بالقطع متى شاء .
والحال الثاني : أن يتفقا على أخذ قيمة الغرس والبناء قائماً أو مقطوعاً فيجوز ويكون ذلك بيعاً يراعى فيه شروط المبيع لأنه عن مراضاة فإن كان على الشجر ثمر ملكه الغاصب إن كان مؤبراً كالبيع ولا يلزم الغاصب أرش ما كان ينقص من الأرض لو قلع لأنه لم يقلع . فلو كان الغاصب قد باع الغرس والبناء على غير مالك الأرض فعلى ثلاثة أضرب :
أحدها : أن يشتريه بشرط الترك فالبيع باطل لأن تركه غير مستحق .
والثاني : أن يشتريه بشرط القلع فالبيع جائز ، فإذا قلعه المشتري فأحدث القلع نقصاً فأرشه على الغاصب دون المشتري لحدوثه عن تعدية .
والثالث : أن يشتريه مطلقاً ففي البيع وجهان :
أحدهما : باطل لأن العرف في البناء والغرس والترك وذلك غير مستحق .
والثاني : أن البيع جائز ويأخذ المشتري بالقلع وله الخيار إن شاء علم أم لم يعلم .