الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص164
مهرها فإن قيل فقد خص النكاح بذلك ذكراً فاختص به حكماً قيل الاستدلال من الخبر بتعليله وهو قوله بما استحل من فرجها والتعليل عام ولأنه وطء في غير ملك سقط الحد فيه عن الموطوءة فاقتضى أن يجب المهر فيه على الواطئ قياساً على النكاح الفاسد وما ذكره الشافعي رضي الله عنه وهو أن المغتصبة أحسن حالاً من المنكوحة نكاحاً فاسداٍ من وجهين :
أحدهما : أن المنكوحة مع علمها عاصية والمغتصبة غير عاصية .
والثاني : أن المنكوحة ممكنة ، والمغتصبة مستكرهة فلما وجب المهر للمنكوحة نكاحاً فاسداً فأولى أن يجب للمستكرهة ؛ ولأن منافع البضع تجري مجرى الأموال لأنها تملك بعوض في النكاح ويملك بها عوض في الخلع ثم ثبت أن الأموال تضمن بالغصب فكذلك منافع البضع ، ثم لك أن تستدل بما ذكرنا من ضمان الأجرة لأن أصلهما واحد والخلاف فيهما على سواء فأما الجواب عن نهيه عن مهر البغي فروي بالتشديد يعني مهر الزانية ، والمستكرهة غير زانية ، ألا ترى أن الحد ساقط عنها ولو كانت بغياً لوجب الحد عليها . وأما الجواب عن نهيه عن كسب الزمارة ففيه تأويلان :
أحدهما : أنه نهى عن كسب الزمارة من الزمر والسعاية فعلى هذا لا تعلق له بمسألتنا .
والرواية الثانية : أنه نهي عن كسب الزمارة بالتشديد وتقديم الزاي المعجمة فيكون كنهي البغي وليست هذه بغياً ولا زانية .
وأما قياسهم على المطاوعة فالمعنى فيه وجوب الحد عليها .
وأما استدلالهم بتنافي المهر والحد فصحيح لكن يتنافى اجتماعهما في الموطوءة دون الواطئ .
والدليل على أن المهر يعتبر به شبهة الموطوءة أن رجلاً لو تزوج امرأة فزفت إليه غيرها فوطئها وهو لا يعلم بها فلا حد عليه ثم ينظر في المرأة فإن علمت فعليها الحد ولا مهر لها وإن لم تعلم فلا حد عليها ولها المهر فدل على أن المعتبر به شبهة الموطوءة دون الواطئ لأن المهر يجب إن لم تعلم ويسقط إن علمت . وأما استدلالهم بأن الوطء فعل الواطئ ، فكان حكمه معتبراً به .
فالجواب عنه أنه وإن كان فعلاً منه فحكمه معتبر بحال من أتلف عليه ألا ترى أن رجلاً لو قتل عبداً بإذن سيده سقطت القيمة عنه ، ولو كان بغير إذنه وجبت القيمة عليه وهو في الحالتين قاتل عاص لكن سقط عنه في الحال الأول لرضا المتلف عبد وإذنه ووجب عليه في الحال الثاني لعدم رضاه وإذنه كذلك الموطوءة إن طاوعت فهي راضية بإتلاف بضعها بغير بدل وإن استكرهت فهي غير راضية بإتلافه على غير بدل .