الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص157
قال الماوردي : وهذه المسألة أيضاً تشتمل على فصلين :
أحدهما : في إبلاء الغاصب له .
والثاني : في إبلاء المشتري فبدأ بالغاصب فلا يخلو حاله في الثوب الذي غصبه من أربعة أقسام :
أحدها : أن لا يبلى في يده ولا تمضي عليه مدة يكون لها أجرة فهذا يرد الثوب ولا شيء عليه سواه .
والقسم الثاني : أن يكون قد بلي ولم تمض عليه مدة يكون لها أجرة فهذا يرده ويرد معه أرش البلى لا غير .
والقسم الثالث : أن لا يبلى ولكن قد مضت عليه مدة يكون لها أجرة فهذا يرده ويرد معه أجرة مثله لا غير .
والقسم الرابع : أن يبلى وتمضي عليه مدة يكون لها أجرة فهل يجمع عليه بين الأرش والأجرة أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : يجمع بينهما ويجبان عليه لاختلاف موجبهما لأن الأرش يجب باستهلاك الأجزاء والأجرة تجب باستهلاك المنفعة .
والوجه الثاني : أنهما يجتمعان عليه ويجب عليه أكثر الأمرين من الأرش والأجرة لأن استهلاك الأجزاء في مقابلة الأجرة . ألا ترى أن المستأجر لا يضمن أرش البلى لأنه في مقابلة ما قد ضمنه من الأجرة ولكن لو كان المغصوب عبداً فمضت عليه في يد الغاصب مدة هزل فيها بدنه وذهب فيها سمنه لزمته الأجرة مع أرش الهزال وجهاً واحداً والفرق بينهما وبين الثوب أن استعمال الثوب موجب لبلاه وليس استخدام العبد موجباً لهزاله والله أعلم .
فأما المشتري فيلزمه ما يلزم الغاصب من الأرش والأجرة على ما وصفنا من الأقسام الأربعة لكن عليه الأجرة وأرش البلى من وقت قبضه لا من وقت الغصب . وقول الشافعي رضي الله عنه هاهنا أخذه من المشتري وما بين قيمته صحيحاً يوم غصبه وما بين قيمته وقد أبلي فليس بمحمول على ظاهره ، وفيه لأصحابنا ثلاثة تأويلات :
أحدها : وهو تأويل أبي علي بن أبي هريرة أنه محمول على أن قيمته يوم الغصب والبيع سواء .
والثاني : أنه محمول على أنه اشتراه يوم الغصب .
والثالث : هو تأويل أبي حامد الاسفراييني أن معنى قوله من يوم الغصب أي من يوم صار المشتري في حكم الغاصب ؛ فإذا تقرر هذا فما لزم الغاصب لا يضمنه المشتري وما لزم