پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص130

فصل

: فإذا أعار الرجل جاره حائطاً ليضع عليه أجذاعاً فليس للمعير أن يأخذ المستعير بقلعها بعد الوضع لأن وضع الأجذاع تراد للاستدامة والبقاء وهل يستحق عليه الأجرة بعد رجوعه في العارية أم لا ؟ على وجهين : أحدهما : يستحقها كما يستحق أجرة أرضه بعد الغرس والبناء . فعلى هذا إن امتنع صاحب الأجذاع من بذلها أخذ بقلعها .

والوجه الثاني : هو أصح لا أجرة له والفرق بين الحائط والأرض أن الحائط قد يصل مالكه إلى منافعه وإن كانت الأجذاع موضوعة عليه وليس كالأرض التي لا يصل مالكها إلى منافعها مع بقاء الغرس والبناء فيها مع أن العرف لم يجر بإجارة الحائط وهو جار بإجارة الأرض فلو بذل صاحب الحائط ثمن الأجذاع لصاحبها لم يجبر على قبولها ولا على قلعها بخلاف الغرس والبناء والفرق بينهما أن الأجذاع إذا حصل أحد طرفيها في حائط المعير والطرف الآخر في حائط المستعير فلم يجبر أن يأخذ قيمة ما ليس في ملكه والغرس والبناء كله في أرض المعير فجاز أن يجبر على أخذ قيمة ما في غير ملكه فلو انهدم الحائط الذي عليه الأجذاع موضوعة فبناه المالك فهل يجوز لصاحب الأجذاع إعادة وضعها بالإذن الأول أم لا على وجهين :

أحدهما : له إعارتها لأن العارية أوجبت دوام وضعها ، فعلى هذا لو امتنع صاحب الحائط من بنائه كان لصاحب الأجذاع أن يبنيه ليصل إلى حقه من وضع أجذاعه فيه .

والوجه الثاني : ليس له إعادتها لأن الحائط المأذون فيه لم يبق وهذا غيره ولم يعد مالكه فعلى هذا لو أراد صاحب الأجذاع أن يبني الحائط عند امتناع صاحبه من بنائه لم يكن له .

فصل

: وإذا أعاره جذعاً ليمسك به حائطاً فليس له بعد المسك أن يرجع فيه ما كان الحائط قائماً وكان الجذع صحيحاً لما فيه من إدخال الضرر على صاحب الحائط بعد المسك من خوف السقوط وهلاكه وهل له المطالبة بعد الرجوع بأجرته أم لا ؟ على ما ذكرنا من الوجهين فإن انكسر الجذع أو انهدم الحائط فله الرجوع به لأنه لا يتجدد بأخذه ضرر .

فصل

: وإذا أعار أرضاً لدفن ميت فليس له بعد الدفن الرجوع فيها لأن دفن الموتى للاستدامة والبقاء شرعاً وعرفاً ولو أوصى أولياؤه بنقله منعوا منه لأنه حق للميت ولما فيه من انتهاك حرمته بالنقل وليس لصاحب الأرض المطالبة بأجرة القبر بعد الرجوع في العارية وجهاً واحداً ولا تختلف لأمرين : أحدهما : أن العرف غير جار .

والثاني : أن الميت زائل والأولياء لا يلزمهم فلو أن الميت المدفون نبشه الوحش حتى ظهر وجب أن يعاد إلى قبره جبراً وليس لصاحب الأرض بعد ظهوره أن يرجع في عاريته ويمنع من دفنه لأنه قد صار حقاً للميت مؤبداً ، فلو أن رجلاً أذن للناس أن يدفنوا موتاهم في