الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص117
المنفعة إن حكم العارية أوسع من حكم الإجارة لأنه يجوز أن يستعير ما يرهنه ولا يجوز أن يستأجر ما يرهنه ، ويجوز أن يستعير فحلاً لطرق ماشيته ولا يجوز أن يستأجره لذلك فلذلك صح أن يستعير الدراهم وإن لم يجز في أحد الوجهين أن يستأجرها .
أحدها : ما يجوز إعارته وإجارته وهو كل مملوك كانت منفعته أبداً كالدواب المنتفع بظهورها والجوارح المنتفع بصيدها والرقيق المنتفع باستخدامهم فيجوز إعارتهم حتى الجواري وتكره إذا كانت موسومة بالجمال أن يخلو بها في الاستخدام خوفاً من غلبة الشهوة فإن وطئها كان زانياً وعليه الحد وقال داود لا حد عليه ، لأنه ملك منافعها بالعارية أو الإجارة شبهة في إدراء الحد وهذا خطأ لأن تحريم إصابتها قبل العارية وبعدها على سواء فوجب أن يكون فيما يتعلق به من الحد على سواء . والقسم الثاني ما لا تجوز إعارته ولا إجارته فهو نوعان أحدهما ما كان محرماً والثاني ما كانت منفعته عيناً فأما المحرم الانتفاع فالسباع والذئاب والكلاب غير المعلمة فلا يجوز أن تعار ولا أن تؤجر وأما ما كانت منفعته عيناً فذات الدر من المواشي كالغنم فلا يجوز أن تعار ولا أن تؤجر ؛ لاختاص العارية والإجارة بالمنافع دون الأعيان لكن يجوز أن تمنح . قال الشافعي رحمه الله والمنحة أن يدفع الرجل ناقته أو شاته لرجل ليحلبها ثم يردها فيكون اللبن ممنوحاً ولا ينتفع فيها بغير اللبن . وروى الشافعي عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله ( ص ) : ‘ المنحة أفضل من الصدقة تغدو باتاً وتروح بأجرٍ ‘ .
والقسم الثالث : ما يجوز إعارته ولا تجوز إجارته وهو الفحول المعدة للطرق فيحرم إجارتها لأن أخذ العوض عليها ثمن لعسبها . وقد نهى رسول الله ( ص ) عن ثمن عسب الفحل وتجوز إعارتها لأن النبي ( ص ) ذكر في حق الإبل إطراق فحلها ومنحة لبنها يوم وردها .
والقسم الرابع : ما تجوز إعارته وفي جواز إجارته وجهان وهو ما انتفع به من الكلاب والفحل بغير الثمن من ربط السفر والبهائم لأن هذا نفع ويكون الفرق بين إجارتها وإعارتها ما ذكرناه .
وإذا صحت إعارة البهائم دون إجارتها فعلفها ومؤنتها على المالك دون المستعير والمستأجر ؛ لأن ذلك من حقوق الملك .
وتمام العارية يكون بطلب المستعير وإجابة المعير ثم بإقباض منه أو إذن بقبضه فتكون