الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص93
ويتحرر منه قياسان :
أحدهما : أنه أحد اللحمتين فلم يكن للورثة إثباته كالولاء .
والثاني : أن من لم يكن له إثبات الولاء لم يكن له إثبات النسب كالأوصياء .
والدليل على ما قلناه من ثبوت النسب بإقرارهم من خمسة أوجه :
أحدهما : ما رواه سفيان عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت : اختصم سعد بن أبي وقاص وعبد بن زمعة إلى رسول الله ( ص ) في ابن أمة زمعة ، فقال سعد : عهد إلى أخي في ابن وليدة زمعة أن أقبضه فإنه ابنه ، وقال عبد بن زمعة : أخي وابن وليدة أبي ولد على فراشه ، فقال النبي ( ص ) : هو لك يا عبد بن زمعة الولد للفراش وللعاهر الحجر فألحق النبي ( ص ) الولد بعبد بن زمعة باعتراف أبيه وجعله أخاه . فاعترضوا على هذا الحديث من أربعة أوجه :
أحدها : أن قالوا : إن النبي ( ص ) إنما جعله عبداً لعبد ولم يجعله أخاه ، وروي أنه قال : هو لك عبد . فعن هذا جوابان :
أحدهما : أن مسدداً روى عن سفيان أن النبي ( ص ) قال : هو أخوك يا عبد .
والثاني : أن عبد بن زمعة قد أقر بحريته وولادته حراً على فراش أبيه فلم يجز بعد اعترافه بحريته أن يحكم له برقه .
وما رووه من قوله هو لك عبد فإنما أشار إليه بالقول اختصاراً يحذف النداء كقوله تعالى : ( يُوسُفُ أَعْرِضُ عَنْ هَذَا ) ( يوسف : 29 ) . والاعتراض الثاني عليه .
إن قالوا إنما ألحقه بالفراش لا بالإقرار وبين ذلك بقوله ‘ الولد للفراش ‘ والجواب عنه : أنه قد أثبت الفراش بإقراره وإقراره بالفراش إقرار بالنسب لثبوت النسب بثبوت الفراش فلم يكن فرق بين الإقرار بالفراش الموجب لثبوت النسب وبين الإقرار بالنسب الدال على ثبوت الفراش .
والاعتراض الثالث عليه :
أن قالوا : لا دليل لكم فيه لأن عبداً هو أحد الوارثين وسودة زوجة النبي ( ص ) أخته ولم تكن منها دعوى له ولا إقرار به ولا دعوى له . وإقرار أحد الورثة لا يوجب بالإجماع ثبوت النسب . وعنه جوابان :
أحدهما : أن عبداً هو وارث أبيه وحده لأن سودة كانت قد أسلمت قبل موت أبيها وكان عبد على كفره فكان هو الوارث لأبيه الكافر دون أخته المسلمة ، ألا ترى إلى ما روي عنه أنه قال : أسلمت أختي سودة فحملتها وليتني أسلمت يوم أسلمت .
والثاني : أن سودة قد كانت معترفة به واستنابت أخاها في الدعوى لأن النساء من