الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص90
لأن النسب قد ثبت مع عدم الميراث ولا ينتفي النسب ويكمل الميراث فلما انتفى ثبوت النسب عن هذا الإقرار فأولى أن ينتفي عنه ثبوت الميراث ويتحرر منه قياسان :
أحدهما : أنه أحد حكمي إقرارهما فوجب أن لا يثبت بإقرار أحدهما كالنسب .
والثاني : أن ما منع النسب منع الإرث كالسن إذا استوى فيها الميت والمدعي .
والدليل السادس : أن الميراث مستحق بالإقرار تارة وبالبينة أخرى فلما كانت شهادة أحد الشاهدين يمنع ما استحقاق الميراث بشهادته وجب أن يكون إقرار أحد الوارثين يمنع من استحقاق الميراث بإقراره .
وتحريره أن كل شخصين استحق الميراث بقولهما لم يجز أن يستحق بقول أحدهما كالشاهدين والدليل السابع : أنه مال يقتضي ثبوته ثبوت سببه فلم يجز إثباته إلا بإثبات سببه .
أصله أنه إذا أقر أنه اشترى عبد زيد بألف وأنكر لم نقض عليه بالألف .
فأما الجواب عن استدلالهم الأول بأنه إقرار تضمن شيئين فلزم فيما عليه ورد فيما له فبطلانه بمعروف النسب لأنه لو تميز أحدهما عن الآخر في مجهول النسب لتميز في معروف النسب وكان يستحق الميراث وإن كان منكر النسب وكان لا يقتضي قسمته على المواريث المستحقة بالنسب ، وفي كل هذا دليل على اتصاله بالنسب وعدم انفصاله عنه .
ثم نجيب عن كل أصل جعلوه شاهداً ، أما قوله لعبده بعتك نفسك ولزوجته ( خالعتك ) فإنما لزمه عتق عبده وطلاق زوجته لأن العتق والطلاق ينفرد عن استحقاق العوض ، والميراث لا ينفرد من ثبوت النسب ، وأما قوله لزوجته أنت أختي من الرضاعة فإنما وقعت به الفرقة ولزمه التحريم لأنه لم يدع لنفسه في مقابلة ذلك حقاً ثبت لثبوته فلذلك لزمه وفي إقراره بالنسب قد ادعى لنفسه بذلك حقاً لأن الناس يورثون من حيث يرثون فلما لم يرث لم يورث .
وأما مدعي البيع في استحقاق الشفعة عليه فقد اختلف أصحابنا على ما سنذكر شرحه فمنهم من قال : لا شفعة ، فعلى هذا يسقط الاستدلال به ومنهم من أوجب الشفعة وهو ظاهر قول الشافعي ، فعلى هذا الفرق بينهما أن ما ادعاه البائع من الثمن على المشتري قد حصل له من جهة الشفيع فلزمه التسليم لحصول ما ادعاه من الثمن ولم يحصل للمقر بالنسب ميراث المدعي فلم يثبت إقراره للمدعي حقاً .
وأما الجواب عن استدلالهم الثاني بأن ما أوجبه النسب من العتق والتحريم قد يثبت مع انتفاء النسب فكذلك الميراث من وجهين :