الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص85
أحدهما : أن الحكم يتعلق بالأغلب من ظاهر الحال والأغلب السلامة والصحة .
والثاني : أن الظاهر من حال الشهود أنهم لا يؤدوا ما تحملوا إلا عند وجوب إثباته ولزوم الحكم به غير أن الأولى بالحاكم في مثل هذه الحال أن يأمر الشهود بإكمال الشهادة من غير تلقين لهم ليزول الخلاف وينتفى الاحتمال .
وإن جاز أن يقتصر على الحكم بها : فإن ادعى المشهود عليه الجنون عند الإشهاد عليه لم يقبل دعواه وحكم عليه بالصحة حتى يعلم خلافها لأنها أصل والجنون عارض . ولو ادعى الإكراه قال أبو حامد الإسفراييني : يقبل قوله وفرق بين الجنون والإكراه لأن أحكام المكره مختلف فيها وأحكام المجنون متفق عليها . وهذا عندي ليس بصحيح لأن ما احتملته الشهادة من معاني الرد فهو مانع من قبولها كالجهالة بالعدالة وفي إنفاذ الحكم بها مانع من احتمال الإكراه كما في إنفاذه مانع من احتمال الجنون ولو فرق بينهما بأن فقد العقل أظهر لكان أعذر وإن لم يكن في الحالين عذر .
وقال أبو حنيفة : لا أقبل ذلك منه حتى حقاً في الشركة كما لو قال : له في هذه الدار سهم .
وهذا ليس بصحيح لوضوح الفرق بينهما لأن السهم شائع والحق متميز .
وعلى مذهب الشافعي يكون استثناءاً صحيحاً يرجع إلى المقضي دون القضاء وصفا وسبباً لصحته ولو امسك عنه وعدم ما ذكره منع منه فيصير مقراً بتسعمائة قد ادعى قضاءها والله أعلم .