الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص74
وإن كانت في يد المقر سئل عن المراد بقوله وخرجت إليه منها لاحتماله مع كون الدار في يده فما قال فيه من شيء يحتمل غير القبض قبل والله أعلم .
قال الماوردي : اعلم أن هذه المسألة تشتمل على ثلاثة فصول :
أحدها : أن يقول السيد لعبده إن أعطيتني ألفاً فأنت حرٌّ فهذا عتق بصفة وليس بمعاوضة لأن الألف التي يعطيها العبد في حال الرق هي ملك للسيد لأن العبد لا يملك فلا تصح معاوضة الإنسان بماله على ماله فلذلك كان عتقاً بصفة ولم تكن معاوضة وخالف قوله لزوجته إن أعطيتني ألفاً فأنت طالق حيث جعلناه معاوضة لأن الزوجة تملك .
فلو ادعى السيد ذلك على عبده وأنكر العبد لم تكن دعوى لأنها لا تتضمن استحقاق مال وكان إقراراً منه بالعتق لا يراعي فيه تصديق العبد ، ولو ادعى العبد ذلك على سيده كان مدعياً عتقاً ينكره السيد فيحلف له ويكون العبد على رقه .
والفصل الثاني أن يقول السيد لعبده : إن ضمنت لي ألفاً تؤديها إليّ فأنت حر فهذا غير معاوضة لأن الضمان فيه موجب لمال يؤديه بعد الحرية في وقت يصح ملكه فصار معاوضة على عتقه فغلب فيه حكم المعاوضة ، وإن تضمن عتقاً بصفة لتعلقه بالضمان .
ولو ادعى السيد على عبده أنه أعتقه على ألف ضمنها وأنكر العبد حلف لسيده لأنه منكر وعتق العبد على السيد لأنه مقر بعتقه وصار كمن قال لرجل : بعتك عبدي بألف عليك فأعتقه ، فأنكر فالقول قول المشتري في إنكار الألف وقد عتق العبد على السيد إقراره بالعتق ولو ادعى العبد ذلك على سيده وأنكر السيد حلف له وكان العبد على رقه .
والفصل الثالث : أن يبيع السيد عبده على نفسه بألف ويقبل العبد ذلك من سيده ابتياعاً فالذي نص عليه الشافعي في الأم ونقله المزني في جامعه ومختصره جواز ذلك وصحته قال الربيع وفيه قول آخر : أنه لا يصح ، فاختلف أصحابنا في تخريجه فكان أبو إسحاق المروزي وأبو علي بن أبي هريرة لا يحكيانه قولاً واحداً ولا يخرجانه مذهباً لتفرد الربيع بتخريجه لنفسه وكان أبو حامد المورروذي والإسفراييني يحكيانه ويخرجانه وتبعهما متأخروا أصحابنا في جواز ذلك على قولين :
أحدهما : وهو المنصوص الأصح ، جوازه لأنه أثبت من عقد الكتابة حكماً وأعجل منه تحريراً وعتقاً .