الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص71
وقال أبو حنيفة : لا يستقر بحكم النكول إلا بتكراره ثلاثاً .
ووهم بعض أصحابنا فقال به . والدليل على أن حكم النكول يستقر بالمرة الواحدة أنه لا يستفيد بتكراره ثلاثاً إلا ما علمه من حكم النكول بالأول ولأن النكول إما أن يكون معتبراً بالإقرار أو بالإنكار ، وليس التكرار في واحد منهما معتبراً فلم يكن في النكول معتبراً .
فصل
: فأما إذا قال : لا أنكر لم يكن مقراً لأنه يحتمل لا أنكر أن يكون مبطلاً ويحتمل لا أنكر أن يكون محقاً فلم يصر مع الاحتمال مقراً ، ولو قال : لا أنكر أن يكون محقاً لم يصر مقراً لاحتمال أن يريد محقاً في دينه واعتقاده ولكن لو قال : لا أنكر أن يكون محقاً بهذه الدعوى كان مقراً لانتفاء الاحتمال ، ولكن لو قال أقر لم يصر مقراً لأنه موعد . ولو قال أنا مقر ففيه وجهان :
أحدهما : هو قول أبي حامد الاسفراييني لا يكون مقراً لأنه يحتمل أن يريد أنا مقر ببطلان دعواك .
والوجه الثاني : وهو أصح أنه يكون مقراً لأنه إذا كان جواباً عن الدعوى انصرف الإقرار إليها وكان أبلغ جواباً من نعم .
فصل
: فأما إن أجاب عن الدعوى بأن قال بلى أو نعم أو أجل أو صدقت أو أي لعمري كان مقراً بجميع ذلك لأنها في محل الجواب لتصديق ، وإن كانت مختلفة المعاني وإن قال لعل وعسى ويوشك لم يكن مقراً لأنها ألفاظ للشك والترجي وهكذا لو قال : أظن وأقدر وأحسب وأتوهم فليس بإقرار لما تضمنتها من الشك ولو قال له عليّ ألف في علمي كان إقراراً لأنه إنما يقر بها في علمه وقال أبو حنيفة لا يكون إقراراً لتشكيكه وهكذا لو قال الشاهد : أشهد أن لفلان على فلان ألفاً في علمي صحت الشهادة عندنا وعند أبي يوسف وبطلت عند أبي حنيفة .
فصل
: وإذا قال الطالب أقضيني الألف التي لي عليك فقال نعم ، أو أجل أو غداً أو أنظرني بها ، كان إقراراً وإذا قال : أنظرني أو أرفق بي أو أنفذ رسولك إلي لم يكن إقراراً لاحتماله . ولو قال اشتر عبدي هذا أو قال أعطني عبدي هذا فقال نعم كان إقراراً به . ولو قال لا أفعل لم يكن إقراراً وقال أبو حنيفة يكون إقراراً وهذا خطأ لأن إنكار الجواب لا يكون إقراراً بالجواب .
فصل
: وإذا قال جواباً عن ادعاء ألف عليه خذ أو اتزن لم يكن إقراراً لأنه يحتمل خذ الجواب مني واتزن حقاً إن كان لك على غيري ، ولو قال خذها أو اتزنها فقد قال أبو عبد الله