الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص56
وقال أبو علي بن خيران : يلزمه في الأولى درهمان كما يلزمه في الطلاق طلقتان وقد أشار الشافعي رضي الله عنه إلى مثل ذلك في الإقرار بالحكم الظاهر .
وهذا بين ظاهر ، والفرق بين الإقرار والطلاق أن الدرهم في الإقرار قد يحتمل أن يوصف بالجودة والرداءة ، فاحتمل أن يريد : فدرهم أجود منه أو أردأ ، والطلاق لا يوصف بذلك فزال الاحتمال عنه . فإن قيل فقد يوصف الطلاق . بمثل ذلك لأنه طلاق سنة وطلاق بدعة قيل : ليس هذا صفة للطلاق وإنما هو حال يرجع إلى صفات المطلقة والمطلق لأن حكم الطلاق في الأحوال على السواء . فإن قيل الفاء من حروف العطف والنسق كالواو فاقتضى أن يستويا في حكم الإقرار ، قيل : الفاء قد تصلح للعطف والصفة فلما احتمل الأمرين لم يلزمه إلا اليقين وخالفت الواو التي لا تصلح إلا للعطف دون الصفة ولو قال له علي درهم ثم درهم لزمه درهم لأن ثم موضوعة لعطف التراخي والله أعلم .
قال الماوردي : وجملته أنه متى قال : له عليّ درهم تحت درهم ، أو درهم فوق درهم ، أو درهم تحته درهم ، أو درهم فوقه درهم فإن أراد في هذه المسائل الأربع درهمين فهما عليه وإن لم يردهما فالذي نقله المزني عن الشافعي ههنا في جامعه الكبير واختاره الربيع ، ليس عليه إلا درهم واحد ، لما ذكره من التعليل ، وفيه قول ثان قاله الشافعي في كتاب الإقرار والمواهب من الأم عليه درهمان لأنه الأظهر من حال الكلام ، والقول الأول أشهر وأظهر والله أعلم بالصواب .
قال الماوردي : وهو كما قال : إذا قال : لفلان عليّ درهم مع درهم أو درهم معه درهم أو مع دينار أو معه دينار ، فليس عليه في هذه المسائل كلها إلا درهم واحد ما لم يرد الزيادة عليه لأنه يحتمل أن يريد : مع دينار لي ، ولا يلزم في الإقرار إلا اليقين ويجيء فيه قول ثان أن عليه درهمين .