پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص22

ويجوز أن يتعاقب الاستثناء بعده استثناء ثان ، ويتعقب الثاني ثالث ، ويتعقب الثالث رابع إلا أن كل استثناء يعود إلى ما يليه فيثبت ضد حكمه لأن الاستثناء إن عاد إلى إثبات كان نفياً وإن عاد إلى نفي كان إثباتاً ألا تراه لو قال : رأيت أهل البصرة إلا بني تميم كان ينفي رؤية بني تميم مثبتاً لرؤية أهل البصرة .

وقد جاء كتاب الله تعالى بذلك في قوله تعالى : ( قَالُواْ إنَّا أَرْسَلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ إلاَّ آلَ لُوطٍ إنَّا لَمُنْجُوهُمْ أجْمَعِينَ إلاَّ امْرَأَتَهُ ) ( الحجر : 58 ، 61 ) فاستثنى آل لوط من المجرمين ثم استثنى امرأته من آل لوط .

فإذا قال : عليّ ألف إلا خمسمائة إلا ثلاثمئة إلا مئتين إلا مئة كان هذا إقراراً بسبعمائة ، لأن قوله : عليّ ألف إثبات لها ثم إلا خمسة نفي لها من الألف ، فيبقى منها خمسمائة ، ثم قوله إلا ثلاثة إثبات لها من الخمسمائة التي نفاها ، فيضم إلى المثبت فتصير ثمانمئة ثم قوله إلا مئتين نفي لها من الثلاثمائة التي أثبتها ، فتخرج من المثبت فيبقى ستمائة ، ثم قوله إلا مئة إثبات لها من المئتين التي نفاها فتضم إلى الباقي من الإثبات وهو ستمائة درهم فيصير الإقرار بسبعمائة لأنه لا يجوز أن يجمع بين إثباتين ولا بين نفيين ولكن لو قال له : عليّ ألف إلا مئتين وإلا مئة كانا جميعاً نفياً من الألف لأنه جمع بينهما بواو العطف فلم يعد أحدهما إلى الآخر وعاد جميعاً إلى الجملة .

فأما إذا قال : له عليّ ألف إلا ألف إلا مئة ، ففيه ثلاثة أوجه :

أحدها : يكون عليه ألف .

والثاني : يكون عليه تسعمائة .

والثالث : يكون عليه مئة .

فإذا قلنا أن عليه ألفاً فوجهه أن الاستثناء الأول رفع جميع الجملة فبطل والاستثناء الثاني رجع إلى استثناء باطل فبطل فلزمه آلاف لبطلان الاستثناء منها .

فإذا قلنا يلزمه تسعمئة فوجهه أن الاستثناء الأول بطل لرفعه الجملة فأقيم الثاني مقامه وهو مئة فصار الباقي من الألف تسعمئة .

وإذا قلنا يلزمه مئة فوجهه أن الاستثناء الأول إنما يرفع الجملة إذا لم عقبه استثناء ، فإذا يعقبه استثناء مئة صار الباقي من الاستثناء الأول تسعمائة فإذا رجعت إلى الألف كان الباقي منها مئة .