الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص21
قال ابن درستويه النحوي : لا يجوز الاستثناء إلا أن يبقى أكثر من نصف الجملة لأمرين :
أحدهما : أن الاستثناء لغة يوجد سماعاً ، ولم يرد استثناء أكثر الجملة كما لم يرد استثناء كل الجملة . والثاني : أن الاستثناء تبع لباقي الجملة فلم يجز أن يكون أكثر منها لأن الأكثر لا يكون تبعاً للأقل :
وهذا خطأ ، قال الله تبارك وتعالى : ( قَالَ رَبِّ بَمَا أَغْوَيْتَنِي لأَزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأَغْوِيَنَّهُمْ أجْمَعِينَ إلاَّ عِبَادَكَ منهم المُخْلَصِينَ ، قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيم أنَّ عِبَادِيَّ لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إلاَّ مَنْ اتَّبَعَكَ مِنَ الغَاوِينَ ) ( الحجر : 39 ، 42 ) .
فاستثنى الغاوين من المخلصين تارة والمخلصين من الغاوين أخرى ، وإحدى الطائفتين أكثر من الأخرى فدل على جواز استثناء الأكثر ، ولأن استثناء الأكثر موجود في كلامهم وظاهر في أشعارهم . قال الشاعر :
ولأن الخارج بالاستثناء غير داخل في اللفظ ولا مراد به فاستوى حكم قليله وكثيره ، وإذا كان كذلك قال : له عليّ ألف إلا تسعمائة صح ، وكان المراد باللفظ مئة ، وجرى مجرى قوله : له عليّ مئة .
فلو قال : له عليّ ألف وألف وألف إلا ألفاً ، فهي صحة الاستثناء وجهان :
أحدهما : أنه باطل لأنه استثنى ألفاً من الألف فبطل ولزمه ثلاثة آلاف .
والوجه الثاني : صحيح لأن إقراره بثلاثة آلاف وإن كان بثلاثة ألفاظ فصح أن يستثني منها ألفاً ويبقى عليه ألفان ، وهكذا يصح أن يستثني ألفين لأنه يعود إلى كل الجملة ، ويبقى عليه ألف .
ومثله في الطلاق أن يقول لها : أنت طالق واحدة وواحدة وواحدة إلا واحدة فيكون على هذين الوجهين :