الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص4
وقد رجم رسول الله ( ص ) ماعزاً بإقرار ، ورجم الغامدية بإقرارها وقطع سارق رداء صفوان بإقراره . وقد حكم الخلفاء الراشدون بالإقرار في قضاياهم ولم يزل الحكام يعملون عليه ويأخذون به .
ولأن أكثر الحقوق لا يوصل إليها إلا بالإقرار فكانت الضرورة داعية إلى الأخذ به والحاجة ماسة إلى العمل عليه .
ولأنه لما لزم الحكم بالشهادة مع احتمالها كان الحكم بالإقرار مع قلة الاحتمال فيه أولى ، وكذلك كتب الحكام في قضاياهم إذا كانت عن شهادة : أن كل ذي حق على حقه ، ولم يكتبوا مثل ذلك في الحكم بالإقرار .
الإخبار بحق عليه .
وحقيقة الشهادة : الإخبار بحق على غيره .
فاجتمعا من حيث أن كل واحد إخبار بحق وافترقا من حيث أن الحق في الإقرار عليه ، والحق في الشهادة على غيره .
فأما الشرط الأول : وهو المقر : فهو المخبر بالحق عليه والمقرون ضربان : مكلف وغير مكلف . فأما غير المكلف ، وهو الصبي والمجنون فإقرارهما باطل سواء كان بمال أو بدن ولا يتعلق به حكم في الحال ولا بعد البلوغ والإفاقة .
وجوز أبو حنيفة إقرار المراهق إذا كان بإذن أهله أو كان مأذوناً له في عقد فأقر بدين صح بناء على صحة إسلامه وجواز عقده بإذن وليه ، واستدلالاً بأن من صحت وصيته صح إقراره كالبالغ . وهذا خطأ لأن عدم التكليف يمنع من صحة الإقرار كالجنون ، ولأن كل إقرار منع منه الجنون منع منه الصغر كالإقرار بالبدن ، ولأن الأصل الذي بني عليه جواز إقراره أنه