الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص548
والرابع : أن لا يعين العبد ويعين ثمنه .
فأما القسم الأول : وهو أن يعين العبد ويعين ثمنه .
كقوله اشتر لي سالما بمائة دينار . فلا يخلو من ثلاثة أحوال : –
أحدها : أن يشتريه بالمائة .
والثاني : أن يشتريه بأقل منها .
والثالث : أن يشتريه بأكثر منها .
فإن اشتراه بالدنانير لكن بأقل من مائة دينار كأن اشتراه بخمسين دينارا ، صح ولزم الموكل . لأن حصول العبد له ببعض الثمن أحظ له . فإن قيل أفليس لو وكله في بيع عبده على زيد بمائة دينار فباعه عليه بأكثر من مائة دينار لم يجز لأنه وكله في محاباته . فمثلا إذا وكله في شراء عبد بمائة دينار أن لا يجوز الشراء بأقل منها لأنه قد وكله في محاباته .
قيل الفرق بينهما أنه إذا وكله في البيع بالمائة لم يجز بيعه بأكثر منها لأنه ممنوع من قبض الزيادة . وليس للوكيل قبض ما منع من قبضه . وإذا وكل في الشراء بالمائة جاز الشراء بأقل منها لأنه مأمور بدفع الزيادة ودفع الوكيل البعض جائز وإن منع الزيادة .
ولو أمره أن يشتريه بمائة دينار ، ولا يشتريه بأقل منها فاشتراه بأقل من المائة لم يجز لأنه أعلم بصلاح نفسه .
ولو قال اشتره بمائة دينار ولا تشتريه بخمسين دينارا جاز أن يشتريه بالمائة ربما بين الخمسين والمائة . ولا يجوز أن يشتريه بخمسين للنهي عنها . وهل يجوز أن يشتريه بأقل من خمسين على وجهين حكاهما ابن سريج :
أحدهما : يجوز لأن الوكيل مندوب إلى الاسترخاص إلا ما نهاه عنه من القدر لمعنى هو أعلم به من يمين حلف عليها أو غير ذلك من أمور .
والوجه الثاني : لا يجوز لأن الإذن بالمائة لما دخل فيه ما هو أقل منها كان النهي عن الخمسين داخلا فيه ما هو أقل منها .
فهذا حكم العبد إذا اشتراه بأقل من المائة ، فأما إذا اشتراه بأكثر من المائة كأن اشتراه بماية وخمسين دينارا أو مائة دينار وقيراط ، فالشراء غير لازم للموكل وهو لازم للوكيل إن لم يشتره بعين المال . هذا مذهب الشافعي رضي الله عنه .
وقال أبو العباس بن سريج : الشراء لازم للموكل بالمائة دينار التي عين عليها والوكيل