الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص530
فلو باعه بيعا صحيحا وقبض ثمنه وتلف الثمن في يده فله الأجرة لوجود العمل . وهذا بخلاف الصانع إذا استؤجر على خياطة ثوب أو قصارته فتلف في يده بعد عمله فلا أجرة له إن كان مشتركا .
والفرق بينهما أن المقصود من الأجير تسليمه العمل المستحق في مقابلة العوض فما لم يحصل التسليم لم يجب ما في مقابلته من العوض . والمقصود من الوكيل وجود العمل المأذون فيه ، فلو باع الوكيل الثوب فتلف الثوب في يده ، قبل تسليمه إلى مستحقه بطل البيع ، ولم يبطل جعل الوكيل ، لأن بطلانه بمعنى حادث بعد صحته فصار بالعمل موجودا منه وكان بخلاف وقوع البيع فاسدا . فلو سلم الثوب إلى مشتريه وقبض ثمنه فتلف في يده ثم استحق الثوب في يد المشتري كان البيع فاسدا وللوكيل جعله لأن بطلانه ليس من جهة الوكيل . فصار مقصوده بالإذن مجرد العمل على وجه الصحة دون الصحة وقد وجد من الوكيل ذلك العمل .
أما رجوع المشتري بالثمن فإن لم يعلم بالوكالة ، فله الرجوع على الوكيل ، ويرجع الوكيل به على الموكل . وإن علم بالوكالة ففيه وجهان :
أحدهما : وهو قول أبي حامد المروزي ذكره في جامعه : أنه يرجع به على الموكل ، دون الوكيل ، لأنه مبيع عليه كالمبيع على المفلس .
والوجه الثاني : أن له أن يرجع على من شاء من الموكل والوكيل لأن لكل واحد منهما في العقد تأثيرا .
حالة ينكر العمل الذي ادعاه من البيع وقبض الثمن .
وحالة يعترف به .
فإن أنكر الموكل ذلك فالقول قوله مع يمينه . ولا جعل للوكيل إلا ببينة يقيمها على البيع ، سواء قبل قوله في البيع أم لا . لأنه يدعي عملا يستحق به جعلا فلم يقبل قوله في دعواه .
وإن صدقه الموكل على ذلك ، وادعى دفع الجعل إليه فالقول قول الوكيل مع يمينه . وله الجعل لأن الموكل مدع براءة ذمته من جعل تعلق بها . فلو قال له الموكل بعد تصديقه على البيع إنك خنتني في عملك بقدر جعلك فبرئت عنه بخيانتك وأنكر الوكيل الخيانة