الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص523
مكتوبة قد ضاق وقتها ، أو لضياع مفتاح بديار غيره أو لملازمة غريم له إلى ما جرى مجرى ذلك . فهذا عذر في تأخير الدفع ولا ضمان عليه إن تلف قبل الدفع .
وإن منعه لغير عذر صار ضامنا له فإن تلف كان عليه غرمه . فلو منعه من دفعه حتى يشهد على نفسه بقبضه ، فقد اختلف أصحابنا هل له ذلك ويلزم الموكل الإشهاد على نفسه بالقبض أم لا ؟ على ثلاثة أوجه : –
أحدها : وهو الصحيح أنه ليس له ذلك ، ولا يلزم الموكل الإشهاد على نفسه بالقبض لأن قول الوكيل مقبول في الدفع . فعلى هذا يصير بالمنع ضامنا وعليه الغرم إن تلف .
والوجه الثاني : له الامتناع من الدفع إلا بالإشهاد ليسلم من اليمين مع الإكذاب فعلى هذا لا يصير بالمنع ضامنا ولا غرم عليه إن تلف .
والوجه الثالث : وهو مذهب مالك أنه إن قبض المال بالإشهاد ، لم يدفع إلا بالإشهاد . وإن قبض بغير إشهاد لزمه الدفع بغير إشهاد .
فأما من كان غير مقبول القول في الدفع فلا يلزمه الدفع إلا بالإشهاد ، وسواء كان ضامنا كالغاصب والمستعير أو كان غير ضامن كالمرتهن .
فأما المضارب والأجير المشترك فإن قلنا بأحد الوجهين إن قوله في الدفع غير مقبول ، لم يلزمهم الدفع إلا بالإشهاد ، وإن قلنا بالصحيح من المذهب : إن قولهم في الدفع مقبول ، ففي وجوب الإشهاد لهم ثلاثة أوجه على ما ذكرنا .
أحدهما : وهو قول ابن سريج : أنه ضامن لما يذهب إليه من أن الوديعة تضمن باعتقاد الامتناع من الرد .
والوجه الثاني : وهو الصحيح أنه لا ضمان عليه لتلف ذلك قبل وجود السبب الموجب للضمان . والله أعلم .
قال الماوردي : وهذا صحيح إذا منع الوكيل من دفع الثمن إلى موكله من غير عذر له في المنع صار ضامنا . فلو حمله بعد ذلك ليدفعه إليه ، فتلف كان عليه غرمه لأن ما صار مضمونا لزم غرمه بالتلف ، فلو ادعى بعد امتناعه من الدفع بغير عذر ، أنه قد دفع الثمن إلى موكله لم يقبل قوله لتعلق الضمان بذمته . فلو طلب الإشهاد على موكله بالدفع لزمه ذلك ،